وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ قال قتادة: أشياء استأثر الله بهن، فلم يطلع عليهنّ ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة في أي سنة، أو في أي شهر، أو ليل أو نهار: ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ﴾ فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلًا أو نهارًا: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ فلا يعلم أحد ما في الأرحام أذكر أم أنثى، أحمر أو أسود، وما هو: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ أخير أم شر، ولا تدري يا ابن آدم متى تموت لعلك الميت غدًا، لعلك المصاب غدًا: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ أي: ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض، أفي بحر أم بر أو سهل أو جبل (١).
وقد جاء في الحديث:"إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة" فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير في مسند أُسامة بن زيد: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي المليح، عن أُسامة بن زيد قال: قال رسول الله ﷺ: "ما جعل الله ميتة عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة"(٢).
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مطر بن [عكاس](٣) قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا قضى الله ميتة عبد بأرض جعل له إليها حاجة"(٤) وهكذا رواه الترمذي في القدر من حديث سفيان الثوري به، ثم قال: حسن غريب، ولا يعرف لمطر عن النبي ﷺ غير هذا الحديث (٥)، وقد رواه أبو داود في المراسيل، فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن أبي المليح بن أُسامة، عن أبي عَزَّة قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا أراد الله قبض روح عبد بأرض جعل له فيها - أو قال - بها حاجة"(٦) وأبو عَزَّة هذا هو [يسار](٧) بن عبيد الله، ويقال ابن عبد الهذلي. وأخرجه الترمذي من حديث إسماعيل [بن إبراهيم وهو ابن عُلَيّة، وقال: صحيح (٨).
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن عصام الأصفهاني، حدثنا المؤمل بن إسماعيل] (٩)،
= الشعبي عن مسروق عن عائشة بنحوه (الصحيح، التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦). . .﴾ [الجن] ح ٧٣٨٠). (١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. (٢) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الكبير ١/ ١٧٨ ح ٤٦١)، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/ ١٩٦). (٣) كذا في (ح) و (حم) ومسند أحمد، وفي الأصل صحف إلى: "عكاش". (٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٦/ ٣٠٨ ح ٢١٩٨٣) وقال محققوه: صحيح لغيره. (٥) سنن الترمذي، القدر، باب ما جاء أن النفس تموت حيث ما كتب لها (ح ٢١٤٦)، وأخرجه الحاكم من طريق أبي إسحاق به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/ ٤٢). (٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٤/ ٣٠١ ح ١٥٥٣٩)، وصحح سنده محققوه. (٧) كذا في (ح) و (حم) وسنن الترمذي، وفي الأصل صُحف إلى: "بشار". (٨) السنن، القدر، باب ما جاء أن النفس تموت حيث ما كتب لها (ح ٢١٤٧). (٩) زيادة من (ح) و (حم).