ثم شرع ابن جرير (١) يوجه هذا القول وينصره، لأن المكر والخداع والسخرية على وجه اللعب (والعبث)(٢)(منتف)(٣) عن الله ﷿ بالإجماع. وأما على وجه الانتقام والمقابلة بالعدل والمجازاة فلا يمتنع ذلك.
قال: وبنحو ما قلنا فيه روي الخبر عن ابن عباس (٤): حَدَّثَنَا أبو كريب، حَدَّثَنَا عثمان، حَدَّثَنَا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس - في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ قال: يسخر بهم للنقمة منهم.
وقوله تعالى: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال السدي (٥)، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة (الهمداني)(٦)، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النَّبِيّ ﷺ: يمدهم: يملي لهم. وقال مجاهد (٧): يزيدهم.
قال ابن (١٠) جرير: والصواب يزيدهم على وجه الإملاء والترك لهم في عتوهم وتمردهم؛ كما قال (تعالى)(١١): ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)﴾ [الأنعام: ١١٠].
والطغيان: هو المجاوزة في الشيء، كما قال (تعالى)(١٢): ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)﴾ [الحاقة: ١١].
وقال الضحاك (١٣)، عن ابن عباس: ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ في كفرهم يترددون. وكذا فسره السدي (١٤) بسنده عن الصحابة، وبه (١٥) يقول أبو العالية، وقتادة، والربيع بن أنس، ومجاهد، وأبو مالك، وعبد الرحمن بن زيد: في كفرهم وضلالتهم.
(١) في "تفسيره" (١/ ٣٠٣). (٢) في (ج): "العنت"! (٣) في (ن): "منتفى"! (٤) يعني ابن جرير (٣٦٣) وسنده ضعيف. (٥) في (تفسيره)، ومن طريقه ابن جرير (٣٦٤)؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (١٤٤) عن السدي قوله. [وسنده ضعيف]. (٦) من (ن). (٧) أخرجه ابن جرير (٣٦٥)؛ وابن أبي حاتم (١٤٥). [وسنده صحيح] وعزاه السيوطي في "الدر" (١/ ٣١) للفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر. (٨) ساقط من (ز). (٩) ساقط من (ز). (١٠) في "تفسيره" (١/ ٣٠٧). (١١) من (ز) و (ن). (١٢) من (ن). (١٣) أخرجه ابن جرير (٣٦٦)؛ وابن أبي حاتم (١٤٨) وسنده ضعيف [ويشهد له ما يليه]. (١٤) أخرجه ابن جرير (٣٦٧). [وسنده ضعيف ويشهد له ما يليه]. (١٥) أخرج أقوالهم: ابن جرير (٣٦٨، ٣٦٩، ٣٧٠)؛ وابن أبي حاتم (١٤٧)، [وكلها أسانيد ما بين صحاح وجياد].