إليه ولا أحمده ولا أحمدكما، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه.
وكانت عائشة تقول: أما زينب بنت جحش فقد عصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيرًا، وأما أختها حمنة بنت جحش فهلكت فيمن هلك، وكان الذي يتكلم به مسطح وحسان بن ثابت، وأمِا المنافق عبد الله بن أُبي بن سلول، وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه، وهو الذي تولى كبره منهم هو وحمنة، قالت: وحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحًا، بنافعة أبدًا، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ﴾ يعني: أبا بكر ﴿وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ﴾ يعني: مسطحًا إلى قوله: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢] فقال أبو بكر: بلى والله يا ربنا إنا لنحب أن تغفر لنا، وعاد له بما كان يصنع (١). هكذا رواه البخاري من هذا الوجه معلقًا بصيغة الجزم عن أبي أسامة حماد بن أُسامة أحد الأئمة الثقات. وقد رواه ابن جرير في تفسيره عن سفيان بن وكيع، عن أبي أُسامة به مطولًا مثله أو نحوه. ورواه ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد الأشج، عن أبي أُسامة ببعضه (٢).
وقال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، أخبرنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن عائشة ﵂ قالت: لما نزل عذري من السماء جاءني النبي ﷺ فأخبرني بذلك، فقلت: نحمد الله لا نحمدك (٣).
وقال الإمام أحمد: حدثني ابن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة أيضًا، عن عائشة قالت: لما نزل عذري قام رسول الله ﷺ فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمَرَ برجلين وامرأة فضربوا حدَّهم (٤)، وأخرجه أهل السنن الأربعة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ووقع عند أبي داود تسميتهم: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش (٥)، فهذه طرق متعددة عن أم المؤمنين عائشة ﵂ في المسانيد والصحاح والسنن وغيرها.
وقد روي من حديث أُمها أُم رومان ﵂، فقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا حصين، عن أبي وائل، عن مسروق، عن أُم رومان، قالت: بينا أنا عند عائشة؛ إذ دخلت علينا امرأة من الأنصار فقالت: فعل الله بابنها وفعل، فقالت عائشة: ولم؟ قالت: إنه كان فيمن حدث الحديث، قالت: وأي الحديث؟ قالت: كذا وكذا، قالت: وقد بلغ ذلك رسول الله ﷺ؟ قالت: نعم، قالت: وبلغ أبا بكر؟ قالت: نعم، فخرّت عائشة ﵂ مغشيًا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فقمت فدثرتها، قالت: فجاء النبي ﷺ قال: "فما شأن هذه؟ " فقلت: يا رسول الله
(١) صحيح البخاري، التفسير، سورة النور، (ح ٤٧٥٧). (٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بهذين السندين بنحوه. (٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٠/ ١٣ ح ٢٤٠١٣)، وقال محققوه: حديث صحيح، دون قوله: "جاءني النبي ﷺ فأخبرني بذلك". (٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤٠/ ٧٦، ٧٧ ح ٢٤٠٦٦) وحسنه محققوه. (٥) سنن أبي داود، الحدود، باب حد القذف (ح ٤٤٧٤)، وسنن الترمذي، تفسير القرآن، باب ومن سورة النور (ح ٣١٨١)، والسنن الكبرى للنسائي، التعزيرات، باب حد القذف (ح ٧٣٥١)، وسنن ابن ماجه، الحدود، باب حد القذف (ح ٢٥٦٧)، وحسنه الألباني أيضًا صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٠٨١).