وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت قال: جاء عمر إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغيَّر وجه رسول الله ﷺ، قال عبد الله بن ثابت: فقلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله ﷺ؟ فقال عمر: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا. قال: فسري عن النبي ﷺ وقال: "والذي نفس محمد بيده، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين"(١).
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي: حدثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير، حدثنا علي بن مسعر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عرفطة قال: كنت جالسًا عند عمر إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس (٢)، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم. قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم، فضربه بقناة (٣) معه، قال: فقال الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؛ فقال له عمر: اجلس فجلس، فقرأ عليه ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ إلى قوله: ﴿لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ فقرأها عليه ثلاثًا، وضربه ثلاثًا، فقال له الرجل: ما لي يا أمير المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال؟ (٤) قال: مرني بأمرك أتبعه، قال: انطلق فامحه بالحميم (٥) والصوف الأبيض ثم لا تقرأه ولا تُقرئه أحدًا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدًا من الناس لأنهكنّك عقوبة، ثم قال له: اجلس، فجلس بين يديه، فقال: انطلقت أنا فانتسخت كتابًا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال لي رسول الله ﷺ:"ما هذا في يدك يا عمر؟ " قال: قلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علمًا إلى علمنا، فغضب رسول الله ﷺ حتى احمرّت وجنتاه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار: أغضب نبيكم الله ﷺ؟ السلاح السلاح، فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله ﷺ فقال:"يا أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختصر لي اختصارًا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوّكوا ولا يغرنكم المتهوكون" قال عمر: فقمت فقلت: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبك رسولًا، ثم نزل رسول الله ﷺ(٦). وقد رواه ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرًا من حديث
= ابن سعيد، ونقل الحافظ ابن حجر عن البخاري أنه لم يصح (الإصابة ٤/ ٣٠). (١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ولفظه (المسند ٣٠/ ٢٨٠ ح ١٨٣٣٥)، وضعف سنده محققوه لضعف جابر وهو ابن يزيد الجعفي. (٢) السوس: بلدة من كور الأهواز (معجم ما استعجم ٢/ ٧٦٧). (٣) القناة: العصا المستوية (لسان العرب ١٥/ ٢٠٣). (٤) دانيال قيل: هو أحد أنبياء بني إسرائيل ممن وقع في أسر بختنصر فأتى به مدينة بابل، في العراق، ثم توفي ودفن في مدينة السوس (ينظر: فتوح البلدان ص ٥٣٣، وتاريخ الطبري ٣/ ١٨٧، والفتاوى ١٥/ ١٥٤). (٥) أي: الماء الحار (لسان العرب ١٢/ ١٥٣). (٦) قال الهيثمي: رواه أبو يعلى، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي ضعفه أحمد وجماعة (مجمع الزوائد ١/ ١٨٢).