قال ابن جرير: في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله ﷺ من قوله: "ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم"، حدثنا بذلك ابن حميد، حدثنا جرير، عن أبي سنان، عن عبد الملك بن ميسرة الزرّاد، قال: قال عبد الله بن مسعود، قال رسول الله ﷺ:"ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم"، قال: قلت لعبد الملك: كيف يكون ذاك؟ قال: فقرأ هذه الآية: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥)﴾ (١).
وقوله: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)﴾. كقوله: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥)﴾ [القصص] وقوله: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)﴾ [المائدة] فيسأل الله الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به، ويسأل الرسل أيضًا عن إبلاغ رسالاته، ولهذا قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)﴾ قال: عما بُلّغوا (٢).
وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا أبو سعيد الكندي، حدثنا المحاربي، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام يسأل عن رعيته والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها والعبد يسأل عن مال سيده" قال الليث: وحدثني ابن طاوس مثله، ثم قرأ: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ
(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن عبد الملك بن ميسرة لم يسمع من ابن مسعود. (٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.