وأما قوله ﷺ في الحديث:«تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ففيه فوائد؛ منها:
٣ - الترغيب في نكاح المرأة الودود، أي المتوددة لزوجها، ويعرف ذلك بما يذكر عنها وعن أهلها أو قريباتها.
٤ - أن تودد المرأة لزوجها مما يجلب السعادة لهما ودوام العشرة، مما يحقق الغاية من النكاح من التحصين وتحصيل الذرية.
٥ - الترغيب في نكاح الولود، وهي كثيرة الولادة، كما تفيده صيغة المبالغة، ويعرف ذلك بماضيها إن كانت ثيبا، وبقراباتها إن كانت بكرًا.
٦ - الحكمة من الترغيب في كثرة النسل، وهي تكثير أتباع النبي ﷺ.
٧ - أن الذرية الصالحة هي مطلب عباد الله الصالحين، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)﴾ [الفرقان: ٧٤].
٨ - أن ما يطلب من الرجل في هذا الحديث يطلب من المرأة، أي بأن تختار الرجل الصالح الودود المنجب، أي غير العقيم؛ لأن تكثير الأمة لا يحصل إلا بمراعاة أسبابه من الرجل والمرأة.
٩ - أن التسبب لكثرة أتباع النبي ﷺ بكثرة النسل مع حسن التربية أو بالدعوة إلى الله هو مما يحبه النبي ﷺ ويؤجر عليه العبد.
١٠ - أن النبي ﷺ أكثر الأنبياء تابعًا؛ لكثرة من آمن به في حياته، وبعد وفاته إلى قيام الساعة؛ حيث لا نبي بعده ﷺ، كما يشهد لذلك حديث عرض الأمم على النبي ﷺ(١).
١١ - تفاضل الأنبياء في الأتباع، وظهورُ فضل النبي ﷺ عليهم يوم القيامة.
١٢ - أن الأوامر والنواهي تتفاضل؛ لقوله:«نَهْيًا شَدِيدًا»، ويشهد لذلك قول أم عطية:«نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا»(٢).
* * * * *
(١) البخاري (٥٣٧٨)، ومسلم (٢٢٠) عن ابن عباس ﵄. (٢) رواه البخاري (١٢٧٨)، ومسلم (٩٣٨).