١٠ - جواز تسمية المملوك عبدًا، وفي القرآن: ﴿وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُّشْرِكٍ﴾ [البقرة: ٢٢١]، وهذه عبودية عارضة خاصة، أما العبودية لله فهي لازمة وعامة، وقد يورَّى بالعامة عن الخاصة، ومنه قوله ﷺ لزاهر بن حرام الأشجعي ﵁:«مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟»(١).
هذا الحديث من شواهد تقلله ﷺ من الدنيا، وإنفاقه كل ما وقع في يده منها، لذلك لم يترك عند موته شيئًا من أثمان ولا عُروض، فلم يورث شيئًا، وما يُقدَّر أنه تركه فإنه لا يورث عنه؛ لقوله ﷺ:«إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ»(٣)، وأما بغلته البيضاء فيقال لها: دُلدُل، وهي التي أهداها
(١) الحديث له قصة فعن أنس بن مالك ﵁؛ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا كَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ ﷺ الْهَدِيَّةَ مِنْ الْبَادِيَةِ فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ». وكانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّهُ، وكانَ رَجلًا دميمًا، فأَتَاه النَّبِيُّ ﷺ يَومًا وَهو يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلَا يُبْصِرُهُ الرَّجُلُ، فقالَ: أَرْسِلْنِي مَنْ هَذَا، فالتفتَ فَعرَفَ النَبِيَّ ﷺ، فَجَعَلَ لَا يَأْلُوْ مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ ﷺ، حَيْنَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يقولَ: «مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟» فقالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إذًا وَاللهِ تَجدُنِي كَاسِدًا، فقال النَّبِيُّ ﷺ: «لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ» أو قالَ: «لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ». رواه أحمد (١٢٦٤٨)، وصححه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٩/ ٣٦٩). (٢) البخاري (٢٧٣٩). (٣) البخاري (٢٩٢٧)، ومسلم (١٧٥٧) دون قوله: «إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ»، فقد رواه أحمد (٩٩٧٢)، والنسائي في «الكبرى» (٦٢٧٥)؛ عن أبي هريرة ﵁. قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص» (٣/ ٢١٦): «إسناده على شرط مسلم».