قيل لحمديس (٩): «فلو أن إماما عمل بالمعصية أكنت تأمره أو تنهاه؟ » فقال:
«لا»، واحتج بالحديث (١٠): «ينبغي للمؤمن ألا يذل نفسه» قالوا: «وكيف يذل نفسه؟ » قال (١١): «يعرضها من البلاء إلى ما [لا](١٢) طاقة لها به».وذكر حديث مالك الذي قال [فيه](١٣): «أدركت سبعة عشر تابعيا، فما سمعت أنهم قاموا إلى إمام جائر فوعظوه».قيل لحمديس:«فلو أن إماما دعا إلى البدعة وأمر بها وبات بالدار؟ » قال:
«نجاهده».
وقال حمديس (١٤): «اجتمعنا عند إبراهيم بن أحمد أنا ويحيى بن عمر وجماعة، فطال بنا المجلس والمذاكرة، ثم عطف عليّ إبراهيم فقال [لي](١٥): «من أين عيشك؟ وفي كم أنت من العيال؟ » فقلت: في ستة. فقال لي: العيش من أين؟ فقلت له:
«نحن من الله عزّ وجل في ستر جميل».فسكت عني، فقلت له:«لي إلى الأمير حاجة».فنشط إليها وقال:«اذكر حاجتك» فقلت له: «تعافيني من المجيء إليك بعد هذا المجلس، فإنك لست تجد عندي ما تريده» فسكت ساعة ثم قال: «قد فعلت».فعطف عليه يحيى بن عمر وقال:«وأنا أيها الأمير» فقال: «لست أفعل»، ثم انصرفنا».
وقال أبو سعيد [بن] محمد بن سحنون (١٦): «لما اعتل حمديس أحضرنا له طبيبا، فتبسم وقال: «ما أقبح المخالفة بعد الموافقة! من أراد الله عزّ وجل به حالا /وأراد هو غيره، أليس قد خالف؟ » ثم قال:
(٩) هذا النصّ وما تلاه في المعالم ٢٠٣: ٢ - ٢٠٤. (١٠) الحديث رواه الترمذي في سننه ٣٥٦: ٣ رقم ٢٣٥٥، وابن ماجة في سننه ١٣٣٢: ٢ رقم ٤٠١٦ والإمام احمد في مسنده ٤٠٥: ٥. (١١) في رواية الترمذي: قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. وفي رواية ابن ماجة: لما لا يطيقه. (١٢) زيادة من (م) والمعالم. (١٣) زيادة يقتضيها السياق. (١٤) الخبر في المعالم ٢٠٣: ٢ نقلا عن المالكي. وهو برواية أطول وأكمل في المدارك ٤: ٣٨٢ - ٣٨٣. (١٥) زيادة من (م) والمدارك والمعالم. (١٦) الخبر والأبيات في المدارك ٣٧٩: ٤ - ٣٨٠ والمعالم ٢٠٥: ٢.وعنها أكملنا اسم الراوي.