فتنعّمي وتلذّذي من قربه … وتعذّبي وتشوّقي من بعده
هل يا محمّد لي لوصلك منهل … يروي ظما للعاشقين بورده /
أودى بعبد الله لحظك، والهوى … نار تشبّ على حشاشة كبده
فارحم تضرّعه إليك وذلّه … واستبق بعض دمائه من وجده
قال أبو عمرو بن سالم: حضرنا موطنا فيه صاحبنا أبو محمد البرجي وأبو العباس أحمد بن راشد اللّخمي، فجاء فتى من أهل الظرف وسألهم قطعة في فتى اسمه رضوان، فقال أبو محمد - يعني البرجي - ارتجالا (١): [طويل]
يناديك يا رضوان عبد متيّم … يحنّ لمرآك الأنيق فؤاده
غريب رماه البين في أرض ريّة … وقد بعدت أوطانه وبلاده
وها هو قد زمّت ركائب بينه … فآن لعمري، نأيه، وبعاده
فمنّوا بتوديع المسافر واسمحوا … بقبلة (كفّ) (٢) منكم فهو زاده
وثنّوا بأخرى إن أردتم حياته … بريق الثّنايا كي يتمّ مراده
ولا تسمعوا من قول واش مخبّب … يطير شرار النّار نحوي زناده
وله من رثاء رثى به الأستاذ أبا محمد القرطبي (٣): [طويل]
غربت فسيف الدّين ليس له غرب … وغبت فلا شرق يضيء ولا غرب
لئن أوحشت منك المعاهد والحمى … فأدمعها (٤) من دون واكفها العذب
وإن ضاق ربع الأنس والصّبر بعدكم … فإنّ فناء الحزن بعدكم رحب
ولمّا نعى النّاعي بفقدك بكرة … سكبت عليك (الدّمع) (٥) لو ينفع السّكب
وقلت وقد ضاقت عليّ مذاهبي … وقلّب فوق الجمر من وجده القلب
ومنها:
(١) الأبيات الستة واردة في: مختارات من الشعر المغربي والاندلسي: ٢٢٧.
(٢) ساقطة من الأصل أ، والتصحيح من مختارات من الشعر.
(٣) القصيدة واردة في الذيل ٢١٥/ ٤.
(٤) في الذيل: فأدمعنا.
(٥) ساقطة في الأصل أ. والتكملة من الذيل.