تدور الأحرف الأصلية لهذه الكلمة ومشتقاتها (١) على أصل واحد: يدل على المفارقة والترك والبعد؛ والجافي عن الشيء أي: التارك له، وللعمل به.
الجفاء: هو نبو (٢) الشيء عن الشيء، وهو خلاف البر، والجفاء: ما نفاه السيل، ومنه اشتقاق الجفاء، من ذلك: جفوت الرجل اجفوه، وهو ظاهر الجفوة، أي: الجفاء، وجفا الشيء يجفو جفاء وتجافى: لم يلزم مكانه، كالسرج يجفو عن الظهر، والجفاء غلظ الطبع وسوء الخلق (٣).
- معنى الجفاء شرعاً:
جاء معناه في قوله تعالى:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} الرعد: ١٧، قال الزجاج (٤): "والجفاء ما جفا الوادي؛ أي: رمى به"(٥).
وفي الحديث:((اقرءوا القرآن ولا تجفوا عنه)) (٦)، أي: تعاهدوه ولا تبتعدوا عن تلاوته.
(١) ينظر: معجم مقاييس اللغة مادة (جفو) (١/ ٤٦٥)، والصحاح مادة (جفأ) (١/ ٤١)، ولسان العرب، مادة: "جفا"، وتهذيب اللغة للهروي (١١/ ١٤٠). (٢) النبو: مصدر نبا ينبو نبوا ونبوا. وَيُقَال: نبا فلَان عَن فلَان نبوة إِذا فَارقه.
جمهرة اللغة لأبي بكر محمد بن الحسن الأزدي، ت: رمزي بعلبكي (١/ ٣٨٢). (٣) وفي صفته، - صلى الله عليه وسلم - ليس بالجافي المهين، أي ليس بالغليظ الخلقة، ولا الطبع السيئ، المهين: من المهانة، وهي الحقارة. ينظر: الشمائل المحمدية للترمذي (ص ٨٥)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٢٥٧)، ولسان العرب (٣/ ١٦٧). (٤) هو: إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، ولد ببغداد عام ٢٣٠ هـ، وتوفي بها سنة ٣١١ هـ، كان عالماً بالنحو والتفسير، من مؤلفاته: معاني القرآن وإعرابه، وتفسير أسماء الله الحسنى، وأمالي الزجاج، والمقصود والممدود، وغيرها. ينظر: تهذيب اللغة (١/ ٢٨)، وطبقات النحويين واللغويين (ص ١١١)، وتاريخ بغداد (٦/ ٨٩)، وطبقات المفسرين (١/ ٩). (٥) معاني القرآن (٣/ ١٤٥). (٦) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٢٨، ٤٤٤). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٧٠، ١٧١): رواه أحمد والبزار بنحوه، ورجال أحمد ثقات. وصححه الألباني كما في صحيح الجامع برقم (١١٦٨).