- رحمه الله - وصف حالهم:"جميع أهل البدع مختلفون في تأويل القرآن، فهم مؤمنون ببعضه دون بعض، يقرون بما يوافق رأيهم من الآيات، وما يخالفه: إما أن يتأولوه تأويلاً يحرفون فيه الكلم عن مواضعه، وإما أن يقولوا:[هذا متشابه لا يعلم أحد معناه، فيجحدون ما أنزله الله من معانيه] وهو في معنى الكفر بذلك؛ لأن الإيمان باللفظ بلا معنى هو من جنس إيمان أهل الكتاب، كما قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} الجمعة: ٥، وقال تعالى:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} البقرة: ٧٨، أي: إلا تلاوة من غير فهم معناه. وليس هذا كالمؤمن الذي فهم ما فهم من القرآن فعمل به، واشتبه عليه بعضه فوكل علمه إلى الله، كما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:((فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)) (٢)، فامتثل ما أمر به - صلى الله عليه وسلم - "(٣).
عاشراً: أن العدول عن الصراط المستقيم الذي أمر الله باتباعه، سبب الضلال والفرقة:
وقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} هود: ١١٢، أي: أن يستقيم كما (أُمر) لا كما (يُريد) وهو نبي، ولو كان لأحدٍ أن يستقيم كما يريد لكان محمد - صلى الله عليه وسلم - (٤)، فكيف بمن دونه.
(١) هو: علي بن علي بن محمد بن أبي العز الأذرعي، الدمشقي، الصالحي، المعروف بابن أبي العز، حنفي، القاضي الفقيه، توفي سنة (٧٩٢ هـ). من مؤلفاته: شرح العقيدة الطحاوية - سلك فيها طريقة السلف-، الاتباع، التنبيه على مشكلات الهداية.
ينظر: شذرات الذهب (٦/ ٣٢٦)، الدرر الكامنة لابن حجر (٣/ ٨٧)، الأعلام (٤/ ٣١٣). (٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم: (٦٧٠٢). وروى مسلم في صحيحه (٢/ ٣٠٤)، نحو معناه من رواية عبد الله بن رباح عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند. (٣) شرح الطحاوية (ص ٥٣٣). (٤) ينظر: أسطر من النقل والعقل والفكر، جمع: عزام بن محمد المحيسني (ص ٢٤٢).