الخلق وأكرمهم على الله [ت ١٨] محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف أمَّتَه يوم القيامة إلا بالسِّيما الظاهرة، كما في الحديث الصحيح لمَّا قيل له: كيف تعرف من لم يأتِ بعدُ (١) من أمتك؟ قال: «أرأيتم لو أن لرجل خيلًا غُرًّا (٢) مُحَجَّلة في خيل دُهْم بُهْمٍ ألا يعرفُ خيلَه؟ » قالوا: بلى يا رسول الله، قال:«فإنكم تأتونَ يومَ القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من آثارِ الوضوء»(٣).
وقد قال الله تعالى في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (٤): {مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}[غافر: ٧٨]، وكلّ نبيٍّ وليٌّ لله، فإذا كان أعلم الخلق وأعلاهم قدرًا لا يعلم كلَّ نبيٍّ لله، فكيفَ يعلمُ غيرُه كلَّ وليٍّ لله؟ ! وقد قال تعالى:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[التوبة: ١٠١]. والمنافقون كانوا يُظهرون الإسلام (٥)، فإذا كان لا يميِّز فيمن يشاهده بين (٦) مَن هو مؤمن ومَن هو منافق، فكيف (٧) والعلم بالإيمان العام أيسر من العلم بالولاية الخاصة؟ ! فكيف يعلم كلَّ مَن كان ويكون إلى يوم القيامة من أولياء الله؟ !
(١) (م): «بعدك». والمثبت من «الصحيح» وغيره، ولفظ النسائي (١٥٠)، وابن حبان (١٠٤٦) وغيرهم: «من يأتي بعدك ... ». (٢) (م): «لو كان لرجل خيل محجلة». و «بهم» ليست في (ت). (٣) أخرجه مسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٤) (م): «قال الله تعالى له». (٥) (ت): «مظهرين للإسلام». (٦) تصحفت «بين» في (م) إلى «من». (٧) سقطت من (ت).