قال النووي (١): فيه أنّ المكس من أعظم المعاصي والذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له [بظلاماتهم](٢) عنده، وتكرر ذلك منه وانتهابه للناس، وأخذ أموالهم بغير حقها، وصرفها في غير وجهها.
وفيه (٣): أنّ توبة الزاني لا تسقط عنه حد الزنا، وكذا حد السرقة والشرب، وهذا أحد القولين في مذهبنا (٤) ومذهب مالك (٥)، والثاني: أنها تسقط ذلك، وأما توبة المحارب قبل القدرة عليه فتسقط حد المحاربة بلا خلاف عندنا، وعن ابن عباس وغيره لا تسقط. انتهى.
قلت: الآية قد استثنت التائبين بقوله تعالى [٢٥٥ ب]: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}(٦)، فلذا ذهب الشافعية (٧) إلى السقوط، فإن قيل: المكاس لو تاب غفر له ما بينه وبين الله، وأمّا حقوق المخلوقين فهي من الذنب الذي لا يترك ولا تذهبه من ذمته التوبة.
قلت: يحتمل أنه لو تاب توبة محققة فلعل الله يرضي عنه غرماؤه في الآخرة من عنده.
قوله:"فصلى عليها" يحتمل أنه مبني للمعلوم.
قال القاضي (٨): هو بفتح الصاد واللام عند جماهير رواة "صحيح مسلم".
(١) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (١١/ ٢٠٣). (٢) كذا في المخطوط والذي في شرح "صحيح مسلم" (وظلاماتهم). (٣) انظر شرح "صحيح مسلم" (١١/ ٢٠٤). (٤) انظره مفصلاً في البيان (١٢/ ٥١٠ - ٥١٢). (٥) "مدونة الفقه المالكي" (٤/ ٥٨٢ - ٥٨٣). (٦) سورة المائدة الآية (٣٤). (٧) البيان (١٢/ ٥١١ - ٥١٢). (٨) أي القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٥/ ٥٢٣).