فنظرت، فلم أر أحدا، ثم نوديت الثالثة، فلم أر أحدا، ثم نوديت فإذا هو في الهواء. يعني جبريل ﵇ فأخذتني رجفة شديدة، فأتيت خديجة، فقلت:«دثروني، دثروني»، فدثروني، وصبوا على الماء، فأنزل الله «يا أيها المدثر».
١٩٨ - حدثني شريح بن يونس أبو الحارث، حدثنا سفيان (١)، عن معمر، عن الزهري، قال: فتر الوحي عن النبي ﷺ. وكان أول ما أنزل عليه اقرأ باسم ربك الذي- إلى قوله «ما لم يعلم (٢)» - فلما فتر، حزن حزنا شديدا حتى جعل يأتي رءوس الجبال مرارا، فكلما أوفى على ذروة جبل، بدا له جبريل ﵇ فيقول:«إنك نبي»، فيسكن لذلك جأشه وترجع إليه نفسه.
فكان النبي ﷺ يحدث عن ذلك، قال: بينا أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان يأتى بحراء، بين السماء والأرض، فجشئت منه رعبا:
فرجعت إلى خديجة، فقلت: دثروني. قالت خديجة: فدثرناه. فأنزل الله:
«يا أيها المدثر قم فأنذر».
١٩٩ - حدثنا محمد بن حاتم المروزي، ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس:
أن أول ما نزل من القرآن: اقرأ باسم ربك الذي خلق. قال حجاج:
ثم اختلفنا، فقال بعضهم: نزلت كلها بحراء، ورسول الله ﷺ معتكف هناك، وقال بعضهم: نزل منها إلى قوله «ما لم يعلم»، ونزل باقيها بعد ما شاء الله.
٢٠٠ - حدثنا محمد بن حاتم، ثنا حفص (بن) غياث، ثنا الشيباني، قال محمد (٣) - يعني سليمان بن أبي سليمان- عن عبد الله بن شداد، قال:
أول سورة نزلت من القرآن اقرأ باسم ربك»، ثم أبطأ عنه التنزيل
(١) خ: أبو سفيان. (٢) القرآن، العلق (٩٦/ ١ - ٥). (٣) أى محمد بن حاتم الراوي. يقول: المراد بالشيبانى هو سليمان بن أبى سليمان.