فمُنَعنا، أم أراد بهم الهدى بأن يبعث فيهم رسولاً. وهذا معنى القول الأول (١).
ثم أخبر عن أحوالهم فقال:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ}، أي: المؤمنون المخلصون. {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}: دون الصالحين، يعنون الكفّار في قول مقاتل (٢)، والكلبي (٣)، ومجاهد (٤).
(وهو اختيار الفراء (٥)، والزجاج (٦)).
وقال ابن قتيبة:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ} بعد استماع القرآن، {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أي منا بررة أتقياء، ومنا دون البررة، وهم مسلمون (٧)، فجعل الفريقين جميعًا مسلمين، ولكن بعضهم دون بعض؛ وهذا قول السدي عن ابن عباس (٨). هذا كله معنى قوله:
{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}، أي: أصنافًا، وضروبًا مختلفة، إمَّا مؤمنون، وكافرون، على القول الأول، وإمَّا مخلصون بررة ودونهم.
(١) ورد قوله بمعناه في "جامع البيان" ٢٩/ ١١١، و"الجامع" للقرطبي ١٣/ ١٩. (٢) "تفسير مقاتل" ٢١١/ ب، بنحوه. (٣) كلمة (والكلبي) ساقطة من (أ)، ولم أعثر على مصدر لقوله. (٤) "جامع البيان" ٢٩/ ١١٢، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٠٣، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٥٩، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٠٤ وعزاه إلى عبد بن حميد. (٥) "معاني القرآن" ٣/ ١٩٣، وعبارته سابقة لهذه الآية، وذلك عندما تناول تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ في الْأَرْضِ}. (٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٣٥. والكلام ما بين القوسين ساقط من: (أ). (٧) "تأويل مشكل القرآن" ٤٣١ نقله عنه الواحدي بنصه. (٨) لم أعثر على مصدر لقوله.