وقراءة العامة {وَيَتَنَاجَوْنَ} من التفاعل لقوله: {وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ} وقوله: {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ}، وقرأ حمزة (وينتجون)(١)، وانتجى، وتناجى بمعنى واحد، ويفتعلون ويتفاعلون يجريان مجرى واحداً نحو اختصموا وتخاصموا، واقتتلوا وتقاتلوا. ولا يكون في قوله:{تَنَاجَيْتُمْ * وَتَنَاجَوْا} ردٌّ لقراءة حمزة، لأن الانتجاء في مساغه وجوازه مثل التناجي (٢).
قوله تعالى:{وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} قال المقاتلان: وذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان قد نهاهم عن النجوى فعصوه (٣). وقال أبو إسحاق: يوصي بعضهم بعضًا بمعصية الرسول (٤). والقولان هاهنا كما ذكرنا في الإثم والعدوان.
قوله تعالى:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}. قال المفسرون: يعني اليهود كانوا يأتون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: السام عليك والسام الموت (٥). وهم يوهمونه أنهم يقولون: السلام عليكم، فأخبر الله نبيه بذلك في قوله:{حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}(٦) وذكر معنى التحية في سورة النساء (٧).
(١) قرأ حمزة، ورويس (ينتجُون) بالنون، وضم الجيم من غير ألف على (يفتعلون). وقرأ الباقون (يتناجون) بتاء ونون مفتوحتين وألف وفتح الجيم. انظر: "حجة القراءات" ص ٧٠٤، و"النشر" ٢/ ٣٨٥، و"إتحاف فضلاء البشر" ص ٤١٢. (٢) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ٢٧٩ - ٢٨٥، و"حجة القراءات": ٧٥٤. (٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٤٥ أ، و"الكشف والبيان" ١٢/ ٧٩ أ، وأخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان، و"الدر" ٦/ ١٨٤. (٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣٧. (٥) انظر: "اللسان" ٢/ ٢٤٦ (سوم). (٦) أخرج الإمام أحمد في "المسند" ٢/ ٤٥٥ والبيهقي في "شعب الإيمان" بسند جيد، و"الدر" ٦/ ١٨٤، و"أسباب النزول" للواحدي ص ٤٧٤ وأخرجه ابن أبي حاتم عن عائشة، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٢٣. (٧) عند تفسيره الآية (٨٦) سورة النساء.