قال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يخط بيمينه، ولا يقرأ كتابًا، فنزلت هذه الآية (١).
وقوله:{إِذًا} قال الفراء: ولو كنت تتلو {لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ}(٢) قال ابن عباس: لشك الكافرون (٣). قال مجاهد يعني: قريشًا (٤). وهو قول قتادة (٥). ومعنى الآية: لو كنت تكتب وتقرأ الكتب قبل الوحي إذًا لشكوا؛ وقالوا هذا شيء تعلَّمه محمد وكتبه (٦).
وقال مقاتل: يعني: كفار اليهود يقول: إذًا لشكوا فيكَ، وقالوا: إن الذي نجدُ في التوراة نعتَه هو: أمي لا يقرأ الكتاب، ولا يكتب، ولا يخطه بيمينه (٧).
وهذا هو القول؛ لأن أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي -صلى الله عليه وسلم- بنعته وصفته حقًا يقينًا، وإنما يجحدون نبوتَه بعد اليقين، ويكفرون بالجحد، فلو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كاتبًا قارئًا لكان بغير النعت الذي يعرفوه، وكانوا يشكون. وأما الكفار فإنهم ما عرفوه بالنبوة، وكانوا شاكين مع كونه أميًّا، وإذا كان كذلك
(١) أخرج ابن جرير ٢١/ ٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٧١. كلاهما بالإثبات: كان أهل الكتاب يجدون، وفي النسختين بالنفي: كان أهل الكتاب لا يجدون. والأقرب الإثبات؛ لما فيه من إقامة الحجة عليهم بما في كتبهم. والله أعلم. (٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٧. (٣) "تنوير المقباس" ٣٣٦. (٤) أخرج ابن جرير ٢١/ ٥، وابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٧١. واقتصر على هذا القول الزجاج ٤/ ١٧١، ولم ينسبه. (٥) ذكره عنه الماوردي، بلفظ: مشركو العرب. "النكت والعيون" ٤/ ٢٨٧. (٦) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٨. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦١ ب. (٧) "تفسير مقاتل" ٧٤ أ.