والنائمِ، وكالريشة في مَهبِّ الريح. فهؤلاء اسمُهم جبريةٌ، وهو مذهبٌ باطلٌ شرعًا وعقلًا وحسًّا، ولا يستقيمُ معه أمرُ دينٍ ولا دنيا، وجاءت الأشاعرةُ فلفَّقوا كعادتهم وقالوا: أفعالُ العباد خلْقٌ لله، وكسبٌ من العباد، لكن مفهوم الكسب عندهم هو: الفعلُ المقارنُ للقدرة المحدثة التي لا أثر لها في الفعل، وهذا مبنيٌّ على نفي الأسباب عندهم.
فيرون أنَّ العلاقةَ بين الأسبابِ والمسبَّبَاتِ، وبين قدرةِ العبد وأفعاله مجرَّد الاقتران، فيقولون: إنَّ اللهَ يفعل عند الأسباب لا بها، فليس عندهم باء سببية؛ بل يرونها للمصاحبة.
فهم يَقْرُبون في هذا من قول الجبرية، بل هم جبرية؛ لأنَّ قولَهم يتضمَّنُ: أنه لا أثر لقدرتهم في وجود أفعالهم (١).
ويُقابلُ أولئك: القدريةُ النُّفاةُ الذين ينفون القدرَ، وهم طائفتان: غلاةٌ ينفون المراتبَ الأربع؛ العلم والكتابة وعموم المشيئة وعموم الخلق، والطائفةُ الثانيةُ ينفون عمومَ المشيئة وعمومَ الخلق ويُثبتون
(١) ولهذا قال بعض الناس: عجائب الكلام التي لا حقيقة لها ثلاثة: طفرة النظَّام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري. ممَّا يُقال ولا حقيقة تحته … معقولة تدنو إلى الأفهامِ الكسب عند الأشعري والحال عِنـ … ـد البهشمي وطفرة النظَّامِ ينظر: مجموع الفتاوى (٨/ ١٢٨)، وشرح الأصبهانية (ص ١٧١ - ١٧٢)، والصفدية (ص ١٧١ - ١٧٣)، ومنهاج السنة (١/ ٤٥٨ - ٤٦١)، (٢/ ٢٩٧)، وشفاء العليل (١/ ١٧١ - ١٧٢)، (١/ ٣٩٩ - ٤٠١).