قال:(والإحسانُ صفةُ فعلٍ)، والذين يقولون هذا يريدونَ: ما يخلُقُهُ اللهُ مِنْ النِّعَم؛ فالرحمةُ - إِذَنْ - عبارةٌ عن مخلوقاتِهِ سبحانه، وإن سمَّوْهَا:«صفةَ فعلٍ»، فهو غلَطٌ في العقل؛ فإنَّ المفعولَ لا يكونُ صفةً للفاعلِ، بل أثَرُ فِعْلِه، وهم لا يُثبِتُونَ فعلًا يقومُ بالفاعلِ بمشيئتِه؛ فليس عندهم إلا فاعلٌ ومفعول.
وقد يفسِّرون «الرحمةَ»: بإرادةِ الإحسانِ؛ وعليه فهي صفةٌ ذاتيَّةٌ؛ كما قال المؤلِّف؛ أي: أنَّها قائمةٌ بذاتِهِ تعالى (١).
وكلٌّ من التفسيرَيْنِ فيه صرفٌ للَّفْظِ عن ظاهرِه (٢)؛ فإنَّ الرحمةَ لها معنى يقابِلُ الغضَبَ؛ كما جاء في الحديثِ القُدسيِّ:((إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)) (٣).
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «العقيدة التدمريَّة»(٤)، في الذين ينفُون صفةَ الرحمةِ والمحبَّةِ، والغضَبِ والرضا:«إنَّهم يفسِّرونَ ذلك: إمَّا بالإرادةِ، وإمَّا ببعضِ المفعولاتِ مِنْ النِّعَمِ والعُقُوبات». اه.