وعلى ذلك: فما ذكره المؤلِّف من أن النُّور نوعان: حسيٌّ ومعنويٌّ؛ هو صحيحٌ ومعلوم؛ وهما نَوْعَا النُّورِ المخلوقِ؛ كما سبَقَ في كلامِ ابنِ القيِّم، وهذا يقتضي أنَّ معنى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾؛ أي: مُنوِّرُهما بالنُّورِ الحِسِّيِّ والمعنويِّ (١):
وبالنُّورِ المعنويِّ؛ وهو: هُدَاهُ الذي يجعَلُهُ في قلوبِ أنبيائِهِ وأوليائِهِ وملائكتِه.
هذا؛ وقد سمَّى الله وَحْيَهُ الذي بعَثَ به رسلَهُ: نُورًا وهدًى؛ قال تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا﴾ [التغابن: ٨]، وقال في الوحيِ: ﴿وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا﴾ [الشورى: ٥٢]، ونظائرُ هذا متعدِّدة؛ وهذا معنى ما جاء عن ابن عبَّاس؛ قال:«﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾؛ أي: هادي أهلِ السماواتِ والأرضِ»؛ كما ذكَرَهُ المؤلِّف ﵀(٢).
(١) وقد قُرئ شاذًّا: ﴿اللَّهُ مُنَوِّرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، وقيل: هذا ورَدَ تفسيرًا عن الحسَن والضَّحَّاك. انظر: «تفسير البيضاوي» (٤/ ١٠٧)، و «تفسير أبي حيَّان» (٨/ ٤٢)، و «الدر المصون» (٨/ ٤٠٣)، و «معجم القراءات» (٦/ ٢٦٤). (٢) وقد أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٨/ ٢٥٩٣)، عن ابن عبَّاس. وانظر: «الدر المنثور» (١١/ ٦٠ - ٦١).