وخالَفَ في ذلك الإمامُ ابن تيميَّةَ ﵀؛ فذكَرَ أنَّ الإيمانَ في اللغةِ تصديقٌ خاصٌّ، وهو التصديقُ فيما يُؤتَمَنُ عليه المُخبِر؛ كالإخبارِ عن الأمورِ الغائبة؛ فلا يقالُ لمن صدَّق مُخبِرًا عن طلوعِ الشمسِ:«آمَنَ له»، بل صدَّقه؛ لأنَّ طلوعَ الشمسِ منِ الأمورِ الحِسِّيَّةِ الظاهرةِ (١).
وقولُهُ:(والإيمانُ في الشرعِ: هو التصديقُ باللهِ وملائكتِهِ وكتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخِر):
ما ذكره هو الإيمانُ في الشرعِ بمعناهُ الخاصِّ المتعلِّقِ بالاعتقاد، ويُطلَقُ الإيمان في الشرعِ إطلاقًا عامًّا يَشمَلُ جميعَ شرائعِ الدِّينِ الظاهِرةِ والباطِنة؛ يَدُلُّ لذلك قولُهُ ﷺ:((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ)) (٢)؛ وفي الحديثِ رَدٌّ على المرجِئةِ الذين يُخرِجونَ الأعمالَ عن مسمَّى الإيمان.
وعلى ذلك: فيكونُ الإيمانُ بمعناهُ العامِّ اسمًا لكلِّ ما شرَعَهُ اللهُ مِنْ الاعتقاداتِ والأقوالِ والأعمال؛ ولذا قال أهلُ السُّنَّةِ:«الإيمانُ: اعتقادٌ بالجَنَانِ، وقولٌ باللسانِ، وعمَلٌ بالأركانِ»(٣).
(١) ينظر: «مجموع الفتاوى» (٧/ ١٢٢) و (٧/ ٢٩١) و (٧/ ٥٢٩). (٢) أخرجه مسلم (٣٥)؛ من حديث أبي هريرة ﵁. (٣) سيأتي مزيد بيان في التعليق (١٩).