وقيل: التجسس (بالجيم): طلب الخبر لغيره، والتحسس (بالحاء) طلبه لنفسه. وقيل: بالجيم: البحث عن العورات، وبالحاء الاستماع. وقيل: بالجيم البحث، ومنه رجل جاسوس، إذا كان يبحث عن الأخبار، وبالحاء: هو ما أدركه الإنسان ببعض حواسه. وقيل: التجسس غالبا يطلق في الشر، والتحسس يكون في الخير، كما قال تعالى: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٧٨](١).
[ثانيا: التجسس في أقوال المفسرين]
وردت عن أئمة السلف عدة أقوال في المراد بالتجسس في الآية، وهي كما يلي:
١ - قال ابن عباس: نهى الله المؤمن أن يتتبع عورة المؤمن.
٢ - وقال مجاهد: خذوا ما ظهر لكم، ودعوا ما ستر الله.
٣ - وقال قتادة في قوله: ﴿ولا تجسسوا﴾ هل تدرون ما التحسس، أو التجسس؟ هو أن تتبع، أو تبتغي عيب أخيك، لتطلع على سره.
٤ - وقال سفيان: هو البحث.
٥ - وقال ابن زيد: قوله: ﴿ولا تجسسوا﴾ قال: حتى انظر في ذلك، وأسأل عنه حتى أعرف حق هو أم باطل؟ قال: فسماه الله تجسسا، قال: يتجسس كما يتجسس الكلاب (٢).
قلت: والآية شاملة لجميع ما ذكر، كما أشار إليه ابن الجوزي، فقال: ( ..
(١) انظر: تهذيب اللغة (١٠/ ٤٤٨)، مادة "جسس"، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٦/ ٣٣٣)، ولسان العرب (٦/ ٣٨)، مادة: "جسس"، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٧/ ٣٧٩). (٢) انظر: جامع البيان للطبري (٢٦/ ١٣٥)، والدر المنثور (٧/ ٥٦٧).