[المبحث الثاني: النهي عن رفع الصوت عند النبي ﷺ والجهر له عند مخاطبته]
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: ٢].
[المطلب الأول: سبب نزول الآية]
روى البخاري، عن ابن أبي مليكة (١)، قال: كاد الخيّران أن يهلكا أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبي ﷺ حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس (٢) أخي بن مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر (٣)، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾ الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله ﷺ بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم
(١) هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، بالتصغير، ابن عبد الله بن جدعان، يقال: اسم أبي مليكة: زهير التيمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي ﷺ، ثقة فقيه، مات سنة سبع عشرة ومائة. انظر: التقريب ص (٥٢٤). (٢) هو الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد التميمي، صحابي جليل، كان مقدما في قومه، شهد حنينا، والطائف، وفتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهم، استشهد بالجوزجان سنة (٣١ هـ). انظر: الأعلام (٢/ ٥). (٣) هو القعقاع بن معبد، كما في الرواية التي تليها.