[ثانيا: أقوال المفسرين في المراد برفع الصوت، والجهر له]
إن الناظر في كتب التفسير يجدها قد حفظت لنا جملة من أقوال المفسرين في المراد بالنهي عن رفع الصوت فوق صوت النبي ﷺ، والجهر له، وفيما يلي شيء منها:
١ - قال قتادة: كانوا يجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم، فوعظهم الله، ونهاهم عن ذلك.
٢ - وقال مجاهد: في قوله: ﴿ولا تجهروا له بالقول﴾ لا تنادوه نداء، ولكن قولا لينا: يا رسول الله.
٣ - وقال الضحاك: قوله: ﴿لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي﴾ هو كقوله: ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾ [النور: ٦٣]. نهاهم الله أن ينادوه كما ينادي بعضهم بعضا، وأمرهم أن يشرِّفوه ويعظموه ويدعوه إذا دعوه باسم النبوة (٢).
٤ - وقال الزجاج: أمرهم الله بتجليل نبيه، وأن يغضوا أصواتهم، ويخاطبوه بالسكينة والوقار (٣).
قلت: وحاصل هذه الأقوال واحد، وهو النهي عن رفع الصوت فوق صوته ﷺ، إذا كانوا بحضرته، سواء كان الحديث معه أو مع غيره، كما نهوا حينما يتكلمون معه أن يكون كلامهم له ككلام بعضهم لبعض - وهو كلام الأكفاء الذين ليس لبعضهم على بعض مزية توجب الاحترام والتوقير - بل
(١) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (٦/ ٥٠)، مادة: جهر، ولسان العرب (٤/ ١٥٠)، مادة: جهر. (٢) انظر: جامع البيان للطبري (٦/ ١١٨)، وزاد المسير (٧/ ٤٥٧). (٣) أورده عنه الشوكاني في فتح القدير (٥/ ٦١).