فأما الخبر: فمنه ما أخرجه مسلم في صحيحه في قصة تأبير النخل، وفيه قال النبي ﷺ:«أنتم أعلم بأمر دنياكم»(١)، ووجه الدلالة: أن النبي ﷺ رَدَّ الأمر في التعامل في الزراعة إلى الخلق، وجعله ليس من جنس الشرع الذي يتوقف فيه حتى يأتي الأمر من الرب سبحانه.
وأما الاتفاق: فحكاه غير واحد، كالنووي في المجموع، والموفق في المغني.
وليُعلَمْ أن المعاملات والعادات باقيةٌ على الأصل ما لم تخالف أصلًا شرعيًّا، أو يأتي الصارف الشرعي لذلك، ومن ذلك: شرب الخمر، فهو من جنس العادات التي حرَّمها الرب سبحانه.
وأما القاعدة الكلية الثانية: فهي أن الأصل في العبادات: الحظر والمنع، ومعنى ذلك: هو ألّا يعتقد الناس في شيء أو في فعل أو قول أنه عبادة، حتى يأتي خطاب الشارع بذلك.
وقد دلت الأدلة على صحة هذه القاعدة، وترجع إلى أدلة: أولها: الخبر، وهو من السنة والأثر.
فأما السنة، فما رواه مسلم من حديث عائشة أن النبي ﷺ قال:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ»(٢)، أي: مردود عليه. قال الشاطبي ﵀ في الاعتصام (٣): وهذا أصلٌ في أن الأصل في العبادات المنع والحظر.
(١) أخرجه مسلم برقم (٢٣٦٣) عن عائشة وأنس ﵄. (٢) أخرجه مسلم برقم (١٧١٨) عن عائشة ﵂. (٣) ينظر: الاعتصام، الشاطبي (٢/ ٢٨٧).