ومنها ما رواه جابر بن سَمُرَةَ ﵁، أن رجلًا نزل الحرَّةَ ومعه أهلُه وولَدُه، فقال رجل: إن ناقةً لي ضَلَّتْ، فإن وجدْتَّها، فأمْسِكْها، فوجدها، فلم يَجِدْ صاحِبَها، فمرِضَتْ، فقالت امرأتُه: انحَرْها، فأبى، فنَفَقَتْ، فقالت امرأته: اسْلَخْها حتى نُقَدِّدَ شحمَها ولحمَها ونأكلَه، فقال: حتى أسألَ رسولَ الله ﷺ، فأتاه، فسأله، فقال:«هَلْ عندَكَ غِنًى يُغنيكَ؟» قال: لا، قال:«فَكُلُوها»، قال: فجاءَ صاحبُها، فأخبره الخبَر، فقال: هَلَّا كنْتَ نحرْتَها، قال: استَحيَيتُ مِنْكَ (١).
قال في عون المعبود (٢): (قال في المنتقى: وهو دليل على إمساك الميتة للمضطر). اه.
وقد ذكر هذه القاعدة (لا واجب مع عجز، ولا حرام مع ضرورة) الإمام ابن القيم ﵀ في إعلام الموقعين (٣)، وذكر مثالين عليها:
الأول: أن الرجل إذا لم يجد خلف الصفِّ من يقوم معه، وتعذَّر عليه الدخول في الصف، ووقف فذًّا صحَّت صلاته للحاجة، وهذا هو القياس المحض؛ فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها.
الثاني: -هو طرد هذا القياس- إذا لم يمكنه أن يُصلِّي مع الجماعة إلا قُدّام الإمام فإنه يصلي قدامه وتصحُّ صلاته، وكلاهما وجهٌ في مذهب أحمد، وهو اختيار شيخنا ﵀.
(١) أخرجه أبو داود برقم (٣٨١٦)، قال العلامة الشوكاني ﵀: وليس في إسناده مطعن. (٢) ينظر: عون المعبود، العظيم آبادي (١٠/ ٢١٢). (٣) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٣/ ٢٢٧).