للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِهِمَا كَوْنُ١ الْحُكْمِ لا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ٢ لِقَوْلِهِ٣ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاك إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} ٤ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ: تَعْمِيمُ الرَّحْمَةِ فِي جَمِيعِ٥ مَا جَاءَ بِهِ، وَحِينَئِذٍ لَمْ تَخْلُ الأَحْكَامُ عَنْ فَائِدَةٍ، وَهِيَ الْعِلَّةُ٦.

قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: كُلُّهَا مُعَلَّلَةٌ وَتَخْفَى٧ نَادِرًا٨.


١ في ش: لكون.
٢ قال ابن السبكي: "إنا استقرينا أحكام الشرع فوجدناها على وفق مصالح العباد، وذلك من فضل الله تعالى وإحسانه، لا بطريق الوجوب عليه، خلافاً للمعتزلة. فحيث ثبت حكم، وهناك وصف صالح لعليّة ذلك الحكم، ولم يوجد غيره، يحصل ظن أن ذلك الوصف علة لذلك الحكم، والعمل بالظن واجب.
وقد ادّعى بعضهم الإجماع على أن الأحكام مشروعة لمصالح العباد. قال: وذلك إما بطريق الوجوب عند المعتزلة أو الإحسان عند الفقهاء من أهل السنة. وهذه الدعوى باطلة، لأن المتكلمين لم يقولوا بتعليل الأحكام بالمصالح، لا بطريق الوجوب ولا الجواز، وهو اللائق بأصولهم. وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة جماهير المتكلمين، والمسألة من مسائل علمهم، وقد قالوا: لا يجوز أن تعلل أفعال الله تعالى، لأنّ من فعل فعلاً لغرضٍ، كان حصوله بالنسبة إليه أولى، سواء كان ذلك الغرض يعود إليه أم إلى الغير، وإذا كان كذلك يكون ناقصاً في نفسه، مستكملاً في غيره، ويتعالى الله سبحانه عن ذلك. "الإبهاج ٣/٤٣".
٣ في ع ب: كقوله.
٤ الآية ١٠٧ من الأنبياء.
٥ في ش ض: كل.
٦ قال العضد "٢/٢٣٨": "وظاهر الآية التعميم، أي يفهم منه مراعاة مصالحهم فيما شرع لهم من الأحكام كلها، إذ لو أرسل بحكم لا مصلحة لهم فيه لكان إرسالاً لغير الرحمة، لأنّه تكليف بلا فائدة، مخالف ظاهر العموم".
٧ في ش: وتختفي.
٨ أي تخفى علينا العلة في النادر منها "المسودة ص ٣٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>