[فصل في بيان معنى الحروف]
...
"الْحُرُوفُ" أَيْ هَذَا فَصْلُ بَيَانِ مَعْنَى الْحُرُوفِ.
قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ: "قَدْ قَالَ النُّحَاةُ: إنَّ الْحَرْفَ لا يَسْتَقِلُّ بِالْمَعْنَى١. وَعَلَيْهِ إشْكَالٌ. فَتَقَرَّرَ الْمُرَادُ أَوَّلاً، وَالإِشَارَةُ إلَى الإِشْكَالِ ثَانِيًا، وَحَلُّهُ ثَالِثًا.
أَمَّا تَقْرِيرُهُ: فَهُوَ أَنَّ نَحْوَ "مِنْ" وَ "إلَى" مَشْرُوطٌ فِي وَضْعِهَا دَالَّةٌ٢ عَلَى مَعْنَاهَا الإِفْرَادِيِّ، وَهُوَ الابْتِدَاءُ وَالانْتِهَاءُ. وَذِكْرُ مُتَعَلَّقِهَا مِنْ دَارٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، مِمَّا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْحَرْفُ، وَمِنْهُ الابْتِدَاءُ، وَإِلَيْهِ الانْتِهَاءُ. وَالاسْمُ نَحْوُ "الابْتِدَاءِ" وَ "الانْتِهَاءِ"، وَالْفِعْلُ نَحْوُ "ابْتَدَأَ" وَ "انْتَهَى" غَيْرُ مَشْرُوطٍ فِيهِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الإِشْكَالُ: فَهُوَ أَنَّ نَحْوَ: ذُو، وَأُولُو٣، وأُولاتُ٤، وَقَيْدٌ، وَقَيْسٌ٥، وَقَابَ، وَأَيْ، وَبَعْضُ، وَكُلُّ، وَفَوْقَ، وَتَحْتَ، وَأَمَامَ، وَقُدَّامَ، وَخَلْفَ، وَوَرَاءَ ... مِمَّا لا يُحْصَى كَذَلِكَ، إذْ لَمْ يُجَوِّزْ الْوَاضِعُ اسْتِعْمَالَهَا إلاَّ بِمُتَعَلِّقَاتِهَا. فَكَانَ يَجِبُ كَوْنُهَا حُرُوفًا. وَإِنَّهَا أَسْمَاءٌ.
وَأَمَّا الْحَلُّ: فَهُوَ أَنَّهَا - وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ اسْتِعْمَالُهَا إلاَّ كَذَلِكَ، لأَمْرٍ مَا عَرَضَ-. فَغَيْرُ٦ مَشْرُوطٍ فِي وَضْعِهَا [دَالَّةٌ] ٧ ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّ "ذُو" بِمَعْنَى
١ في شرح العضد: بالمفهومية.٢ في ش: الدلالة.٣ في ش: والواو.٤ في ش ض ب: ولات.٥ في ش ض ب: أو قيس.٦ في ش: فهو غير.٧ زيادة من شرح العضد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute