/٥٢٥ أرى الدُّنيا تميلُ عن الكِرامِ … وترغبُ في مُصَاحبةِ اللِّئامِ
فيزدادُ اللَّئيمُ بذاك لُؤْماً … ويصبح سَاحِباً ذيلَ احتشامِ
ويَنْسُبُ نفسَه للعلمِ حُمْقاً … وعندَ الله فهو من الطَّغْامِ (١)
ويُفتي المسلمين بغيرِ علمٍ … ويَخْبُطُ خَبْطَ عشوا في الظَّلامِ
فكَمْ أفتى بتحريمٍ لحِلٍّ … وكمْ أفتى بتحليلِ الحرامِ
فمن حفظ الزَّيارةَ فهو مُفْتٍ … يُدرِّس في الفُروعِ وفي الكلامِ
كذاك من اشترى كرَّاً وصلى … عليه فإنَّه رأسُ السِّنامِ
تُشَدُّ إليه أكوارُ المطايا … ويُقْصَدُ في المهمَّات العِظامِ (٢)
ولو قد جاءهُ شخصٌ خبيرٌ … وباحثَهُ لكان من العَوَامِ
وما صلَّى وصام وَقامَ إلا … ليحويَ ما حواه من الحُطَام
ولو تَلِفَ الذي هو في يديه … إذاً تركَ الصَّلاةَ مع الصِّيامِ
فقد ترك الزَّكاةَ لأنَّ فيها … خروجَ المالِ وهو إليه ظامي
وأمَّا الخُمْسُ فهو به بخيلٌ … ويبخلُ بالبشَاشةِ والكلامِ
ألمْ تسمعْ كلامَ اللهِ حقَّاً … وقولُ اللهِ أحسنُ في النِّظامِ
بأنَّا لا نُمَهِّلُهم لخيرٍ، ولكنْ … كي يزيدوا في الإِثامِ (٣)
فمهلاً فسوف ترتجع اللَّيالي … عطاياها ويُجْدِبُ بالحُطَامِ
وتطلبُ أن يقال ولاتَ حينٍ … وقد خَلَصَ المخِفُّ من الزِّحامِ
توفي سنة أربعٍ وخمسين وسبعمائة.
* * *
(١) الطَّغَام: أوغادُ النَّاس. القاموس (طغم) ص ١١٣٣.
(٢) الأكوار جمع كُور، وهو الرَّحْلُ أو بأداته. القاموس (كور) ص ٤٧٢.
(٣) يريد قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّمَا نُمْلي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهم، إنَّمَا نُمْلِيْ لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمَاً، وَلَهُم عَذَابٌ مُهِيْنٌ} سورة (آل عمران) آية رقم: ١٧٨.