هذا، وحديث:«ليس فيما دون خمسة أَوْسق صدقة» محمولٌ على زكاة التجارة. وقيمة الوَسْقِ كانت يَوْمَئِذٍ أَربعينَ دِرْهَماً، ولذا لم يقل: ليس فيما دون خمسة أَوْسُق عُشْر.
ثُم وقتُ وجوب العُشْر حين ظهور الثمرة عند أَبي حنيفة، وحين الإِدراك عند أَبي يوسف، وحين الحصول في الحظيرة عند محمد. وثمرة الخلاف تظهر في وجوب الضمان بالإتلاف.
(إِلاَّ في نَحْوِ حَطَبٍ) هذا استثناء من قوله: «وما خرج من الأَرض». والمعنى: أَنْ نحو الحطب مما لا يُقْصَدُ به استغلال الأَرْض غالباً فلا عُشْر فيه، وذلك كالقصب الفارسي، والعُشْب، وكالحَبِّ الذي لا يصلح للزراعة مثل بَذْرِ البِطِّيخ، والقِثَّاء (١) ، وكالتِّبْن، والسَّعَف (٢) ، والصَّمْغ، والقَطِران (٣) مما يخرج من الشجر والنخل وليس بثمرة، ولو استغل أَرضه بشيءٍ من ذلك وجب فيه العشر.
(ونِصْفُ عُشْرٍ إِنْ سقي بِغَرْبٍ) أَي دَلْوٍ عظيمٍ (أَوْ دَالِيَةٍ) أَي دولاب تديره البقر. وقال أَبو يوسف ومحمد: لا بدّ أَنْ يكون المَسْقيُّ بغَرْب أَوْ دالية مما يبقى سنة ويكون خمسة أَوْسُق (٤) ، كما تقدم.
(بِلَا رَفْعِ مُؤَنِ الزَّرْعِ) يعني لا يَحْسُبُ ربُّ المال أُجْرَةَ العمال، ونفقة البقر، وكَرْي النهر، وغير ذلك مما يحتاج إِليه في الزرع فيرفعها، ثُم يخرج من الباقي العشر أَوْ نِصْفَه لإِطلاق ما تلونا من الآية، وعموم ما روينا من الحديث. ولأَنه عليه الصلاة والسلام حَكَم بتفاوتِ الواجب لتفاوت المُؤن، فلا معنى لرفعها.
(١) القِثَّاء: نوعٌ من البطيخ، نباتي، قريب من الخيار لكنه أطول. المعجم الوسيط ص: ٧١٥، مادة (أَقثأَ). (٢) السَّعَف: جَرِيدُ النَّخْل ووَرَقُه. المعجم الوسيط. ص: ٤٣١، مادة (سَعَفَ). (٣) القَطِران: عصارة شجر الأرز والأبهل - وهي مستديمة الخضرة - تطبخ ثم تطلى بها الإبل. المعجم الوسيط ص: ٧٤٤، مادة (قطرن). (٤) تقدم شرحها ص ٤٨٥، تعليق رقم (٢).