أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله قال:«كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم بُرْدٌ أحمرُ يَلْبَسُه في الجُمُعَة والعيدين». ورواه الطبرانيّ، عن أبي محمد عليّ بن الحسين، عن ابن عباس قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ يوم العيد بُرْدَةً حمراء».
والحُلَّة الحمراء: عبارة عن ثوبين من اليمن، فيهما خطوط حُمْرٌ وخُضْرٌ، لا أنه أحمرُ بَحْتٌ، فليكن مَحْمَل البُرْدَة أحدهما. ورواه الطَّبَرَانيّ عن سَهْلِ بن سَعْد قال: «حِيكَتْ لرسول الله صلى الله عليه وسلم حُلَّةٌ من أنْمَار صوف أبيض، فخرج صلى الله عليه وسلم إلى المَجْلِس وهي عليه، فضرب على فَخِذه فقال: «ألا يرون ما أحسن هذه الحُلَّة فقال له أعرابي: يا رسول الله اكْسِنِي هذه الحِلّة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا سُئِلَ شيئاً، لم يقل قط: لا، فقال: نعم، فدعا بِمَقَعَّدَتَينِ (١) فلبسهما، وأعطى للأعرابي الحُلَّة، وأمر بمثلها تُحَاكُ له. فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الحِيَاكة». وفي لفظ:«فتُوُفِّي صلى الله عليه وسلم وله جُبَّةُ صوفٍ في الحِيَاكة».
(ويُؤَدِّيَ فِطْرَتَهُ) أي صدقة فِطْرِهِ قبل الصلاة، لِمَا في «الصحيحين» من حديث ابن عمر: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفِطر أنْ تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة». (ولقول ابن عمر: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفِطْر أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة)(٢) . وكان هو (٣) يُؤَدِّيها قبل ذلك باليوم أو اليومين». رواه أبو داود. ولأن في التعجيل مسارعةً إلى الخير، وتفريغ قلب الفقير للصلاة. ولقوله صلى الله عليه وسلم «أغنوهم عن المسألة»(٤) ، ولقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}(٥) أي أعطى زكاة الفِطْر، {وذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ} بتكبير العيد في الطريق {فَصَلَّى}(٦) صلاة العيد، على ما فسره بعضهم.
(١) المُقَعَّدُ، كمُعَظَّم: ضربٌ من البُرُود يُجلب من هَجَر. تاج العروس ٩/ ٦٢، مادة (قعد). (٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع. (٣) أي ابن عمر، وهو ما نُصَّ عليه صراحة في سنن أَبي داود ٢/ ٢٦٣، كتاب الزكاة (٣)، باب متى تؤدى (١٩)، رقم (١٦١٠). (٤) أخرجه الدارقطني في سننه ٢/ ١٥٢ - ١٥٣ بلفظ: "أغنوهم في هذا اليوم" والبيهقي في سننه الكبرى ٤/ ١٧٥ بلفظ: "أغنوهم عن طواف هذا اليوم". وعزاه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الدراية ١/ ٢٧٤ إلى الدارقطني في سننه. ولم نجده في النسخة التي بين أيدينا بهذا اللفظ. (٥) سورة الأعلى، الآية: (١٤). (٦) سورة الأعلى، الآية: (١٥).