ومما يُكرَهُ أيضاً التكلُّمُ لقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يَخْرُجُ الرجلانِ يَضرِبانِ الغائط كاشفينِ عن عورتيهما يتحدَّثان، فإنَّ الله يَمْقُتُ على ذلك». رواه أبو داود. ورَوَى أيضاً عن ابن عُمَر: مَرَّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبولُ فسلَّمَ عليه فلم يَرُدَّ عليه.
ومما يُكرَهُ استقبالُ الشمسِ والقمرِ (١) احتراماً لهما، وقد ورد أنهما يَلعنانِ عليه (٢) ، كذا في «المَدخَل». وكذا استقبالُ مهبِّ الريحِ لئلا يُصِيبَه رَشاشُ بولِه، وكذا التخلِّي في الطريقِ، ومجتمَعِ الناس، وتحتَ شجرٍ يُستظَلُّ به، لقولِه صلى الله عليه وسلم «اتَّقُوا اللاَّعِينَيْن، قالوا: وما اللاعِنانِ يا رسول الله؟ قال: «الذي يَتخَلَّى في طريقِ الناسِ أو في ظِلِّهم». رواه مسلم. وقولِه عليه الصلاة والسلام: «اتَّقُوا الملاعِنَ الثلاثةَ: البَرَازَ في الموارِد (٣) ، وقارعةِ الطريق (٤) ، والظلِّ». رواه أبو داود وابن ماجه.
ومن الآدابِ: تقديمُ الاستعاذةِ، لقوله عليه الصلاة والصلام: «إنَّ هذه الحُشُوشَ (٥) مُحتَضَرةٌ (٦) ، فإذا جاء أحدُكم الخلاءَ فليقُل: أعوذُ باللهِ من الخُبُثِ والخبائث». رواه أبو داود وابن ماجه. «كان عليه الصلاة والسلام إذا دَخَلَ الخلاءَ يقولُها». متفق عليه.
ومنها: تقديمُ الرِّجْلِ اليُسرَى في الدخولِ فيه، واليُمنَى في الخروجِ منه تكريماً لها اعتباراً لها باليد.
ومنها: أن يقول بعدَ خروجِه منه: «الحمدُ للهِ الذي أَذهب عنيَ الأَذَى وعافاني». هكذا رواه ابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم وروى هو وأبو داود والترمذي:«غُفرانَك». وفي روايةٍ: كان يقولُ: «الحمدُ لله الذي أَذهبَ عني ما يؤذيني، وأَبقى عليَّ ما ينفعني».
ومنها: أنْ يُبعِدَ في البَراز، لأنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد البَرازَ انطلق حتى لا يَراه أحد.
(١) نقل ابن عابدين: أنها تنزيهية. رد المحتار ١/ ٢٢٨. (٢) قال الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى: الله أعلم بثبوت هذا الخبر. (٣) الموارد: أي المجاري والطرق إلى الماء. النهاية ٥/ ١٧٣. (٤) قارعة الطريق: أي وسطه. النهاية ٤/ ٤٥. (٥) يعني الكُنُفَ ومواضع قضاء الحاجة، الواحد حَشٌّ بالفتح. وأصله من الحشّ: البستان، لأنهم كانوا كثيرًا ما يتغوطون في البساتين. النهاية ١/ ٣٩. (٦) محتضرة: أي يحضرها الجن والشياطين. النهاية ١/ ٣٩٩.