وهو المَلِك أبو تاشفين عبد الرحمن ابن الملك أبي حَمُّو موسى ابن الملك أبي عمرو عثمان ابن السلطان يغمراسن بن عبد الوادِّ الزَّناتِي البَربَري المَغرِبي، صاحب تِلِمسان.
كان سيِّئ السِّيرة، يُذكَر عنه قبائح، وفيه شجاعة وحَزْمٍ وجَبَروت، نَظَرَ في العِلم، وتفقَّه على ابنَي الإمام، وقَتَل أباه، وكانت دولته نيِّفًا وعشرين سنة.
قَصَدَه سلطانُ المغرب أبو الحسن المَرِيني فحاصره مدةً طويلة، وأنشأ في المَنزِلة مدينةً كبيرة، وطال الأمرُ إلى شهر رمضان، فبَرَزَ أبو تاشفين في أبطاله لكَبْسه ومكيدة انعَكَست عليه، ورَكِبَ جيش أبي الحسن وحَمَلوا حتى دخلوا من باب تِلمسان، وقُتِل صاحبها على ظهر جواده في رمضان سنة سبع وثلاثين وسبع مئة، ولم تَبلُغني تفاصيلُ الأمور.
وكان الحصارُ نحو سنتين أو أكثر، وقد كان جدُّ السلطان أبي الحسن نازَلَ تلمسانَ أيضًا سنوات، وحاصَرَها سنة بضع وسبع مئة فمات وهو يحاصرُها، وتملَّك ابنُه وتَرحَّل عنها.
بلغني أن أبا تاشفين طِيفَ برأسه بالمغرب، ثم رُدَّ فدُفِن مع بدنه عند آبائه بتِلِمسان.