إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ شُرَحْبِيْلَ:
أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَأَتَيَا المَسْجِدَ، فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَاهُ، فَأَحْصَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَكَعَ ثَلاَثَ مائَةِ رَكْعَةٍ (١) .
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ:
أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْل: سَبَقَ اليَوْمَ (٢) فُلاَنٌ.
فَقَالَ: أَنَا السَّابِقُ.
قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟
قَالَ: أَدْلَجْتُ مِنْ دَارِيَّا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ، قَالَ:
دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جُوْرَةً فِي فُسْطَاطِهِ (٣) ، وَجَعَلَ فِيْهَا نِطْعاً، وَأَفْرَغَ فِيْهِ المَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلَّقُ فِيْهِ (٤) .
فَقَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟!
قَالَ: لَوْ حَضَرَ قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ، وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ الخَيْلَ لاَ تَجْرِي الغَايَاتِ (٥) وَهُنَّ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهُنَّ ضُمَّرٌ؛ أَلاَ وَإِنَّ أَيَّامَنَا بَاقِيَةٌ جَائِيَةٌ، لَهَا نَعْمَلُ (٦) .
وَقِيْلَ: كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيْرِ حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُوْلُ:
اذْكُرِ اللهَ حَتَّى يَرَى الجَاهِلُ أَنَّهُ مَجْنُوْنٌ (٧) .
(١) زاد ابن عساكر في تاريخه ٩ / ١٧ آما نصه: "..والآخر أربع مئة ركعة قبل أن ينصرف، فقالا له: يا أبا مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، فقال: إني لو عرفت مكانكما، لانصرفت إليكما أن تحفظا علي صلاتي، وأقسم لكما بالله، إن خير كثرة السجود ليوم القيامة ". اه.
وانظر تاريخ الإسلام ٣ / ١٠٤.
(٢) ما بين الحاصرتين من تاريخ ابن عساكر.
(٣) الفسطاط: البيت من الشعر.
(٤) تصلق: تقلب وتلوى على جنبيه.
(٥) الغايات: النهايات، وفي الحديث: " أنه صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية.
(٦) في الحلية ٢ / ١٢٧: " بين أيدينا أياما لها نعمل " وانظر تاريخ ابن عساكر ٩ / ١٧ ب وتاريخ الإسلام ٣ / ١٠٤.
(٧) رواية ابن عساكر في التاريخ ٩ / ١٧ ب: " اذكر الله حتى يرى الجاهل أنك مجنون ".