فَظَنَّ آخَرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذَا الدَّوَاءِ بِمُجَرَّدِهِ كاف في حصول المطلوب، وكان غَالِطًا.
وَكَذَا قَدْ يَدْعُو بِاضْطِرَارٍ عِنْدَ قَبْرٍ، فَيُجَابُ، فَيَظُنُّ أَنَّ السِّرَّ لِلْقَبْرِ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ السِّرَّ لِلِاضْطِرَارِ وَصِدْقِ اللَّجْءِ (١) إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ أَفْضَلَ وَأَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
فَالْأَدْعِيَةُ وَالتَّعَوُّذَاتِ وَالرُّقَى بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ، وَالسِّلَاحُ بِضَارِبِهِ، لَا بِحَدِّهِ فَقَطْ، فَمَتَى كَانَ السِّلَاحُ سِلَاحًا تَامًّا وَالسَّاعِدُ سَاعِدًا قَوِيًّا، وَالْمَحَلُّ قَابِلًا، وَالْمَانِعُ مَفْقُودًا - حَصَلَتْ بِهِ النِّكَايَةُ فِي الْعَدُوِّ، وَمَتَى تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ تَخَلَّفَ التَّأْثِيرُ.
فَإِذَا كَانَ الدُّعَاءُ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ صَالِحٍ، أَوِ الدَّاعِي لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فِي الدُّعَاءِ، أَوْ كَانَ ثَمَّ مَانَعٌ مِنَ الْإِجَابَةِ - لَمْ يَحْصُلِ الْأَثَرُ.
قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَا يَمْلِكُهُ شَيْءٌ. وَلَا غِنَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَقَدْ كَفَرَ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الْحَيْنِ).
ش: كَلَامٌ حَقٌّ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ. وَالْحَيْنُ، بِالْفَتْحِ: الْهَلَاكُ.
قَوْلُهُ: (وَاللَّهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى، لَا كَأَحَدٍ مِنَ الْوَرَى).
ش: قَالَ تَعَالَى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} (٢). {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (٣). وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} (٤). {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} (٥). {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} (٦). ونظائر ذلك كثيرة.
(١) «اللجء» - بفتح اللام وسكون الجيم: مصدر، كاللجوء(٢) المائدة ١١٩(٣) الفتح ١٨(٤) المائدة ٦٠(٥) النساء ٩٣(٦) البقرة ٦١
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute