أُضِيفَ إِلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ الْبَصَرِ؟ وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (١) قَالَ: مِنَ الْبَهَاءِ وَالْحُسْنِ {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٢)، قَالَ فِي وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: نَظَرَتْ إِلَى رَبِّهَا فَنُضِّرَتْ بِنُورِهِ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٣) قَالَ: تَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (٤)، قَالَ: مِنَ النَّعِيمِ، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٥)، قَالَ: تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا نَظَرًا، ثُمَّ حَكَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَهَذَا قَوْلُ كُلِّ مُفَسِّرٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} (٦). قَالَ الطَّبَرِيُّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (٧) فَالْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: هِيَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، فَسَّرَهَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ مِنْ بَعْدِهِ، كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)) عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (٨)، قَالَ: ((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ؟ فَيُكْشِفُ الْحِجَابَ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَمَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ». وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَلْفَاظٍ أُخَرَ، مَعْنَاهَا أَنَّ الزِّيَادَةَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَكَذَلِكَ فَسَّرَهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ ذَلِكَ (٩). عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى
(١) سورة القيامة الآيتان ٢٢، ٢٣.(٢) سورة القيامة آية ٢٣.(٣) سورة القيامة آية ٢٣.(٤) سورة القيامة آية ٢٢.(٥) سورة القيامة آية ٢٣.(٦) سورة ق آية ٣٥.(٧) يونس آية ٢٦.(٨) سورة يُونُسَ آية ٢٦(٩) الزيادة ضرورية لاتساق الكلام. وانظر الطبري ١١: ٧٣ - ٧٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute