خوند، قد حضر فقير من بيت المقدس يزعم أن له معرفة بالأمير، فقال: أين هو؟ فقال: هذا هو، فلما رآه الأمير عرفه بالفراسة، وقال إن [صدقت](١) فراستي، فهذا من قصاد الملك الناصر، ثم قال له: أهلًا ومرحبًا بالشيخ يوسف، كيف خليت الفقراء؟ فقال يا خوند، بخير، وهم داعون للأمير في كل الأوقات، ويسألون من الله الاجتماع، قال: ثم دخل به الدار، وأحضر له شيئًا للأكل، ثم أخرج جميع مَنْ عنده، ثم قال له: هات حدثني بأخبار الملك الناصر وأصحابه وما هم [عليه](٢)، فحدثه جميع ما معه من المشافهة، ثم أخرج الكتاب وناوله إياه، فأخذه وقرأه، ثم قال: هل معك كتاب إلى سلار؟ قال: نعم، فقال: قم بنا إليه، ثم أخذه وطلع به إلى القلعة ومضى إلى سلار، فدخل عليه، فقال له سلار: جئت في غير وقت العادة، قال جئت لأجل قاصد وصل من عند الملك (٣) الناصر وعلى يده كتاب إليكم، فاصفر وجه سلار، فقال: وأين القاصد؟ فقال له: على الباب، فقال: عَلَىّ به، فأدخلوه عنده، فلما حضر سَلَّم، فأبلغ في (٤) السلام، ثم قال له سلار: من أين الشيخ؟ فقال: من الشام. قال: وفيما أتيت؟ قال: أرسلني إليك الملك الناصر، فقال له: وكيف أرسلك إلىّ وهو جاء إلينا قاصدًا حربنا وأخذ بلادنا، فقال له: أنا رسول إليك، يقول لك السلطان: أنت أكبر مماليك أبي، وأنت الذي ربيتني، وأنت الذي سلمت إلى الملك، وأنت تعلم ما بيني وبينك في السر والجهر من الذي لا يطلع [عليه](٥) أحد، ولقد حذرتني من بيبرس مرارًا فما قبلت، فأنا واصل بعساكر الشام، فأشر علىّ برأيك كما جرت عوائدك.
قال: ثم أخرج الكتاب ودفعه إليه، فأخذه سلار وفهم ما فيه، ثم التفت إلى قتال السبع، وقال: خل الفقير عندي ورُحْ أنت، فقال: السمع والطاعة، فأقام الأزقي
(١) صدق: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق. (٢) إضافة للتوضيح. (٣) الملك: ملحقة بين الأسطر في الأصل. (٤) في: بين الأسطر في الأصل. (٥) إضافة للتوضيح.