ثم وبخ تعالى أهل الكتاب قائلاً:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ١ –يريد الإسلام- يَبْغُونَ} أي يطلبون، ولله أسلم، أي: انقاد وخضع من في السموات من الملائكة والأرض من سائر المخلوقات الأرضية طوعاً أو كرهاً٢: طائعين أو مكرهين وفوق هذا أنكم ترجعون إليه فيحاسبكم، ويجزيكم بأعمالكم.
هذا ما تضمنته الآية الأخيرة (٨٣) إذ قال تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان سنة الله تعالى في الأنبياء السابقين وهي أن يؤمن بعضهم ببعض وينصر بعضهم بعضاً.
٢- كفر أهل الكتاب وفسقهم بنقضهم الميثاق وتوليهم عن الإسلام وإعراضهم عنه بعد كفرهم بالنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أخذ عليهم الميثاق بأن يؤمنوا به ويتبعوه.
٣- بيان عظم شأن العهود والمواثيق عند الله تعالى.
٤- الإنكار على من يعرض عن دين الله الإسلام. مع أن الكون كله خاضع منقاد لأمر الله ومجاري أقداره مسلم له.
١ الاستفهام للتقريع والتوبيخ، وروى عن الكلبي أن كعب بن الأشرف اليهودي وأصحابه اختصموا مع النصارى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: أينا أحق بدين إبراهيم؟ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كلا الفريقين بريء من دينه" فقالوا: ما نرضى ولا نأخذ بدينك. فنزل قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ} الآية. ٢ طوعاً وكرهاً: مصدران في موضع الحال، أي: طائعين ومكرهين، إذ كل مخلوق منقاد مستسلم لما جبله الله عليه وقضاه وقدره له لا يخرج عنه بحال.