على الحق فيقولون:{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً..} ترحمنا بها في دنيانا وأخرانا إنك أنت وحدك الوهاب، لا إله غيرك ولا رب سواك، ويقررون مبدأ المعاد والدار الآخرة فيقولون سائلين ضارعين {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ} لمحاسبتهم ومجازاتهم على أعمالهم فاغفر لنا وارحمنا يومئذ حيث آمنا بك وبرسولك وبكتابك محكم آيه ومتشابهه، إنك لا تخلف الميعاد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- في كتاب الله المحكم والمتشابه، فالمحكم يجب الإيمان به، والعمل بمقتضاه، والمتشابه يجب الإيمان به ويفوض أمر تأويله إلى الله منزله ويقال:{آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} .
٢- أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه١ يجب هجرانهم والإعراض عنهم؛ لأنهم مبتدعة وأهل أهواء.
٣- استحباب الدعاء بطلب النجاة عند ظهور الزيغ ورؤية الفتن٢ والضلال.
١ قال أهل العلم: التشابه يكون حقيقياً وإضافياً. فالحقيقي لا سبيل إلى فهم معناه، وهو المراد من الآية: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ} ، والإضافي: ما اشتبه معناه لاحتياجه إلى طلب دليل آخر، فإذا طلبه العالم وجده وهو كثير. منه قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} فهذا يبين معناه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} . ٢ روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أيام حروب الردة كان يصلي المغرب فيقرأ بالفاتحة وسورة من قصار المفصل، وفي الركعة الثالثة بأم القرآن ويقرأ قوله تعالى سراً: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} يقنت بها. كما روي عن عائشة أنها قالت: "إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا استيقظ من الليل قال: "لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماً، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".