والثالث: الإجماع الذي دلَّ تعالى على صحته بقوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ٦.
لأنه تعالى توعَّد على اتباع غير سبيل المؤمنين, فكان ذلك أمرًا واجبًا باتباع سبيلهم، وقال -صلى الله عليه وسلم:"لا تجتمع أمتي على ضلالة" ٧.
الرابع: الاستنباط: وهو القياس على هذه الأصول الثلاثة التي هي الكتاب والسنة والإجماع؛ لأن الله جعل المستنبط من ذلك علمًا, وأوجب الحكم به فرضًا، فقال -عز وجل:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ٨، وقال -عز وجل:{إنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} ٩ أي: بما أراك فيه من الاستنباط والقياس؛ لأن الذي أراه فيه من الاستنباط والقياس هو مما أنزل الله عليه وأمره بالحكم به حيث يقول:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ١٠، ١١.
١آل عمران: ١٣٢. ٢ النساء: ٨٠. ٣ لحشر: ٧. ٤ الأحزاب: ٣٤. ٥ الأحزاب: ٢١. ٦ النساء: ١١٥. ٧ ابن ماجة في السنن في كتاب الفترة عن أنس "ج٢/ ١٣٠٣"، وأخرج ابو داود في السنن عن أبي مالك الأشعري: "إن الله أجاركم من ثلاث -وذكر منها- وأن لا تجتمعوا على ضلالة" "ج٤/ ٩٨"، وأخرج الترمذي عن ابن عمر: "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة" "ج٤/ ٤٦٦". ٨ النساء: ٨٣. ٩ النساء: ١٠٥. ١٠ المائدة" ٤٩. ١٠ المقدمات على المدونة ط. محمد أفندي ساسي المغربي, بالسعادة بمصر. ص١٤ فصل في الطريق إلى معرفة أحكام الشرائع.