الصداق، ويقول: لا صداق لها, ولا نقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله، قال تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} ١، لكن الآية في الطلاق، فقاس عليه الموت, فقدَّم القياس على خبر الواحد كما هو مذهب الحنفية٢.
ومنها: أن يكون عند صحابي علم بناسخ لم يكن عند الآخر: كتطبيق اليدين في الركوع, أخذ به ابن مسعود ولم يطَّلع على أنه منسوخ, واطَّلع سعد بن أبي وقاص على ناسخه فرواه, وأخذ به جمهور الفقهاء, والحديثان في الصحيح٣.
ومنها: أن يقع بينهم المناظرة ويظهر الحديث بالوجه الذي يقع به غالب الظن, فيرجع عن اجتهاده إلى المسموع. منه: ما رواه الأئمة من أن أبا هريرة كان يرى أنَّ من أصبح جنبًا لا صوم له, أخبرته بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بخلاف مذهبه فرجع٤.
ومنه حديث البخاري عن هزيل -بالزاي- بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابن ابنة وأخت، فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف، وائت ابن مسعود فسيتابعني, فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذًَا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكلمة الثلثين، وما بقي فللأخت.
فأتينا أبو موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم٥.
قال ابن عبد البر: لم يخالف في ذلك إلّا أبو موسى وسلمان بن ريبعة
١ البقرة: ٢٣٦". ٢ انظر نيل الأوطار "٦/ ١٧٢". ٣ البخاري في الأذان: "١/ ١٨٩"، ولم أجده في مسلم. ٤ البخاري "٣/ ٣٨"، من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ولكن لفظه.. ".... كذلك حدثني الفضل بن عباس وهو أعلم ... ", ورواية أخرى: " ... وهن أعلم", وبينهما فرق شاسع، وقد حقّق ذلك الحافظ في الفتح فانظره "٤/ ١٠٣". ٥ البخاري "٨/ ١٨٨".