قلت: مرادهم أنه -عليه السلام- لم يستقض أحدًا بحضرته في المدينة, وإلا فقد ثبت أنه وجَّه عليًّا قاضيًا إلى اليمن, ومعاذًا كذلك، وقال له:"بم تقضي" قال: بكتاب الله، الحديث في أبي داود وتقدَّمَ٢، وقال -عليه السلام:"أقضاكم علي" رواه الترمذي٣. وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث معقل بن يسار قاضيًا إلى اليمن وهوحديث السن, ودعا له أن يهدي قلبه ويثبت لسانه، قال: فما شككت في قضاء بين اثنين٤ ومن جملة من استقضاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في أشياء خاصة: عقبة بن عامر الجهني، ورى الإمام أحمد برجال الصحيح والدراقطني بسند حسن عنه قال: جاء خصمان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يختصمان فقال:"قم يا عقبة اقض بينهما" فقلت: بأمي وأبي يا رسول الله, أنت أولى بذلك. قال:"وإن كان اقض بينهما" قلت: على ماذا؟ قال:"اجتهد, فإن أحسنت فلك عشر حسنات, وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد" ٥.
ورى أحمد والطبراني نحوه عن عمر, وروى أحمد والطبراني والحاكم٦ معقل بن يسار المزني قال: أمرني رسول الله أن أقضي بين قوم. فقلت: ما أحسن أن أقضي يا رسول الله. قال: "إن الله مع القاضي ما لم يحف
١ مجمع الزوائد "٤/ ١٩٦". ٢ سبق تخريجه. ٣ سبق تخريجه. ٤ ليس هذا الحديث في الترمذي، والذي عند أبي داود "٣/ ٣٠١"، وابن ماجة "٢/ ٧٧٤"، وأحمد "١/ ٨٨، ١٣٦، ١٤٩، ١٥٦، ١٦١"، أنه بعث علي بين أبي طالب ودعا له أن يهدي الله قلبه ويثبت فؤاده, وأما معقل بن يسار فالذي روي عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يقضي بين اثنين فقال: ما أحسن أن أقضي يا رسول الله؟ قال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "الله مع القاضي ما لم يحف عمدًا" أحمد "٥/ ٢٦". ٥ الدراقطني "٤/ ٢٠٣"، وأحمد "٤/ ٢٠٥"، وأخرج مثله عن عمرو بن العاص. ٦ قال المؤلف -رحمه الله: معقل كمعدان, وبسار كسحاب, والمزني بضم ففتح.