فأعرض عنه حتى في ذلك أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقال:"أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ارجموه" ١.
وقال أصحاب هذا الاتجاه: فلو كان الحد يلزم بالإقرار مرة واحدة لم يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يجوز ترك حد وجب لله تعالى٢.
كما ثبت من روايات أخرى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد قال:"إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ قال: بفلانة"، وهذا تعليل منه يدل على أن الإقرارات الأربع هي الموجبة.
كما أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه، قال لمن جاء مقرًا بالزنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم: إن أقررت أربعًا رجمك رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدل من وجهين:
أحدهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقره عن هذا ولم ينكره، فكان بمنزلة قوله:"لأنه لا يقر على الخطأ".
الثاني: أنه قد علم هذا من حكم النبي -صلى الله عليه وسلم، لولا ذلك ما تجاسر على قوله بين يديه٣.
١ نيل الأوطار ج٧ ص١٠٦. ٢ المغني ج٨ ص١٩٢. ٣ يراجع في ذلك المغني ج٨ ص١٩٢، مباني تكملة المنهاج ج١ ص١٧٣-١٧٥، فتح القدير ج٥ ص٢١٨-٢١٩، نيل الأوطار ج٧ ص١٠٦-١١١.