والظاهر أن هذا يقاس عليه ما دام دعاء في حدود ضوابطه المقررة- اجتهادا من الباحث-، فيقول مثلا: رب انشر لي من رحمتك وهيئ لي من أمري مرفقا، أخذا من قوله سبحانه وتعالى: يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (الكهف: ١٦) ، ونحو ذلك.
[رابعا: البكاء مع قراءة اللفظ:]
وقد علمهم صلّى الله عليه وسلّم ذلك قولا وتطبيقا فقد قال صلّى الله عليه وسلّم:«إن القران نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا»«١» ، وعن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنفر من أصحابه: «إني قارئ عليكم ايات من اخر الزمر فمن بكى منكم وجبت له الجنة» فقرأها من عند وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (الزمر: ٦٧) إلى اخر السورة فمنا من بكى، ومنا من لم يبك فقال الذين لم يبكوا: يا رسول الله! لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك فقال: «إني سأقرأها عليكم فمن لم يبك فليتباك»«٢» ، وذاك صدى الجواب لقول الله عزّ وجلّ: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ (الزمر: ٢٢) ، وقوله جل جلاله: أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (النجم: ٥٩- ٦٠) ، وكان صلّى الله عليه وسلّم يبكي سواء قرأ هو الايات أو قرئت عليه كما في قراءة ابن مسعود عليه من سورة النساء «٣» ، وكانوا يشاهدون هذا من حاله صلّى الله عليه وسلّم فعن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّى ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء «٤» والأزيز بزايين: صوت الرعد وغليان القدر.
(١) ذكر هذا الحديث الغزالي في الإحياء (١/ ٢٧٧) ، وعلق عليه العراقي: «أخرجه أبو يعلى وأبو نعيم في الحلية بسند ضعيف» . (٢) الطبراني في الكبير (٢/ ٣٤٨) ، مرجع سابق. (٣) البخاري (٤/ ١٦٧٣) ، مسلم (١/ ٥٥١) ، ابن خزيمة (٢/ ٣٥٤) ، مراجع سابقة. (٤) ابن خزيمة (٢/ ٥٣) ، ابن حبان (٢/ ٤٣٩) ، الحاكم (١/ ٣٩٦) ، المختارة (٩/ ٤٦٣) ، مراجع سابقة.