وعن عبدة بن أبي لبابة قال:" وددتُ أن أحظى من أهل هذا الزمان أن لا أسألهم عن شيء ولا يسألوني عن شيء، يتكاثرون بالمسائل كما يتكاثر أهل الدراهم بالدراهم "(١).
وقال ابن وهب: وقال لي مالك: " أدركت أهل هذه البلاد، وإنهم ليكرهون هذا الإكثار الذي في الناس اليوم "، قال ابن وهب: يريد المسائل (٢).
وقال مالك:" العلم والحكمة نور يهدي الله به من يشاء، وليس بكثرة المسائل "(٣).
(وكان إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله لا يقدم عليه في السؤال كثيرا، وكان أصحابه يهابون ذلك، قال أسد بن الفرات -وقد قدم على مالك-: " وكان ابن القاسم وغيره من أصحابه يجعلونني أسأله عن المسألة، فإذا أجاب يقولون له: " قل له: فإن كان كذا؟ "، فأقول له، فضاق عليَّ يومًا، فقال لي: " هذه سُليسلة بنت سليسلة، إن أردت هذا فعليك بالعراق "، وإنما كان مالك يكره فقه العراقيين وأحوالهم لإيغالهم في المسائل، وكثرة تفريعهم في الرأي) (٤) اهـ.
* وقد وردت آثار عن السلف فيها النهي عن السؤال عما لم يقع حتى يقع:
عن ابن عون قال: قال القاسم: " إنكم تسألون عن أشياء ما كنا نسأل عنها،
(١) " جامع بيان العلم " (٢/ ١٠٥٩). (٢) " السابق " (٢/ ١٠٦٦). (٣) " السابق " (١/ ٧٥٧ - ٧٥٨). (٤) " الموافقات " (٤/ ٣١٨).