والصبر، وقيل: فعل ذلك مواساة لمن كان نازلاً على الأرض من المسلمين، وقد أخبر الصحابة - رضي الله عنهم - بشجاعته - صلى الله عليه وسلم - في جميع المواطن (١).
[الصورة الرابعة: شجاعته - صلى الله عليه وسلم - في الحماية لأصحابه:]
روى البخاري ومسلم، عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فَزِعَ أهل المدينة ذات ليلةٍ، فانطلق الناس قَبِلَ الصوت، فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول:((لم تراعوا، لم تراعوا))،وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال:((لقد وجدته بحراً، أو إنه لبحر)) (٢).
وهذا المثال وغيره من الأمثلة السابقة تدل دلالة واضحة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشجع إنسان على الإطلاق، فلم يكتحل الوجود بمثله - صلى الله عليه وسلم -، وقد شهد له بذلك الشجعان الأبطال (٣).
قال البراء - رضي الله عنه -: ((كنا والله إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -)) (٤).
وقال أنس في الحديث السابق: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وأجود
(١) انظر: شرح النووي على مسلم، ١٢/ ١١٤. (٢) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل، ١٠/ ٤٥٥، برقم ٢٩٠٨، ومسلم، كتاب الفضائل، باب في شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقدمه للحرب، ٤/ ١٨٠٢، برقم ٢٣٠٧. (٣) انظر: رواية علي بن أبي طالب في شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسند أحمد ١/ ٨٦، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، ٢/ ١٤٣. (٤) أخرجه مسلم، ٣/ ١٤٠١، برقم ١٧٧٦، وتقدم تخريجه.