وهذا عمار بن ياسر، وأبوه ياسر، وأمه سُميّة - رضي الله عنهم - يُعذبون أشد العذاب من أجل إيمانهم بالله - تعالى -، فلم يردَّهم ذلك العذاب عن دينهم؛ لأنهم صدقوا مع الله فصدقهم الله - تعالى - ولهذا قيل لهم:((صبراً آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة)) (١) فرضي الله عنهم وأرضاهم (٢).
الصورة الثالثة: صبر صُهيب:
وهذا صُهيب الرومي - رضي الله عنه - أراد الهجرة فمنعه كفار قريش أن يُهاجر بماله، وإن أحب يتجرّد من ماله كلِّه ويدفعه إليهم تركوه وما أراد، فأعطاهم ماله ونجا بدينه مهاجراً إلى الله ورسوله، وأنزل الله - عز وجل -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله وَالله رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}(٣)، فتلقاه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وجماعة إلى طرف الحرة فقالوا له: ربح البيع. فقال: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه
الآية (٤).
[الصورة الرابعة: صبر أبي سلمة وزوجته:]
وهذا عبد الله بن عبد الأسد أبو سلمة وزوجته أم سلمة رضي الله عنهما
(١) الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، ٣/ ٣٨٨، وانظر: مجمع الزوائد، ٩/ ٢٩٣، وقال: ((رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد العزيز المقوم))، وانظر: الإصابة، ٢/ ٥١٢. (٢) انظر: سير أعلام النبلاء، ١/ ٤٠٦، والإصابة، ٢/ ٥١٢، وسيرة ابن هشام، ١/ ٣٤٢. (٣) سورة البقرة، الآية: ٢٠٧. (٤) انظر: تفسير ابن كثير، ١/ ٢٤٨، وسير أعلام النبلاء، ٢/ ١٧ - ٢٦، والإصابة، ٢/ ١٩٥.