في أمر محمود، وهذا أمر يتفق مع الحلم؛ لأنه تأخير عقوبة، قال سبحانه:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى}(١).
ونجد أيضاً أن عدداً من الآيات التي وصفت اللَّه بالحلم قد قرن فيها ذكر الحلم بالعلم، كقوله تعالى:{وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ}(٢)، وهذا يفيد - واللَّه أعلم بمراده - أن كمال الحلم يكون مع كمال العلم، وهذا من أعظم أركان الحكمة (٣).
ومما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة - التي ينبغي للداعية أن يدعو بها إلى اللَّه - تعالى - مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - للحلم، وتعظيمه لأمره، وأنه من الخصال التي يحبها اللَّه - عز وجل -، قال - صلى الله عليه وسلم - للأشج (٤): ((إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه: الحلم والأناة)) (٥).
وفي رواية قال الأشج: يا رسول اللَّه، أنا تخلقت بهما أم اللَّه
(١) سورة فاطر، الآية: ٤٥. (٢) سورة الحج، الآية: ٥٩. (٣) انظر: أخلاق القرآن للشرباصي، ١/ ١٨٥. (٤) المنذر بن عائذ بن المنذر العصري، أشج عبد القيس، كان سيد قومه، رجع بعد إسلامه إلى البحرين مع قومه، ثم نزل البصرة بعد ذلك ومات بها - رضي الله عنه -. انظر: تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٦٧. (٥) مسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله - تعالى - ورسوله، ١/ ٤٨، (رقم ١٧/ ٢٥).