وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعطي أشراف قريش وغيرهم من المؤلَّفة قلوبهم، لتلافي أحقادهم؛ ولأن الهدايا تجمع القلوب، وتجعل القلوب متهيئة للنظر في صدق الدعوة، وصحة العقيدة، والاستفادة من الآيات البيِّنات، والبراهين الواضحة (٢).
وصدق - صلى الله عليه وسلم - حيث قال:((تهادوا تحابوا)) (٣).
وللتأليف بالمال أمثلة كثيرة من هديه - صلى الله عليه وسلم - (٤).
والتأليف بالجاه من السياسة الحكيمة، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - للأنصار حينما آثر عليهم غيرهم في العطاء:((أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؟ فواللَّه لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به))، فقالوا: بلى يا رسول اللَّه قد رضينا (٥).
(١) البخاري مع الفتح بنحوه، كتاب الإيمان، باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، ١/ ٧٩، (رقم ٢٧)، ومسلم في الإيمان، باب تأليف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، ١/ ١٣٢، (رقم ١٥٠). (٢) انظر: هداية المرشدين، ص٣٥. (٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، ٦/ ١٦٩، والبخاري في الأدب المُفْرَد، ص٢٠٨، برقم ٥٩٤، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: إسناده حسن، ٣/ ٧٠، وانظر: إرواء الغليل برقم، ١٦٠١. (٤) انظر: صحيح مسلم، ٤/ ١٨٠٣ - ١٨٠٦، وانظر أيضاً: البخاري مع الفتح، ٣/ ١٣٥، ٦/ ٢٥٠، ١١/ ٢٥٨. (٥) البخاري مع الفتح، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم، ٦/ ٢٥١، (رقم ٣١٤٦)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه، ٢/ ٧٣٤، ٧٣٥، (رقم ١٠٥٩/ ١٣٢).