الْعَمَالِيقُ فَمَنَعَتْهُمْ جُرْهُمٌ وأَخْرَجُوهُمْ مِنَ الْحَرَمِ كُلِّهِ فَكَانُوا فِي أَطْرَافِهِ لا يَدْخُلُونَهُ فَقَالَ لَهُمْ صَاحِبُهُمْ عَمُوقٌ: ألَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَا تَسْتَخِفُّوا بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ فَغَلَبْتُمُونِي، فَجَعَلَ مُضَاضٌ وَالسَّمَيْدَعُ يُقْطِعَانِ الْمَنَازِلَ لِمَنْ وَرَدَ عَلَيْهِمَا مِنْ قَوْمِهِمَا وكَثُرُوا ورَبَلُوا وأَعْجَبَتْهُمُ الْبِلَادُ وكَانُوا (١) قَوْمًا عَرَبًا وكَانَ اللِّسَانُ عَرَبِيًّا، فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ ﵇ يَزُورُ إِسْمَاعِيلَ ﵇ فَلَمَّا سَمِعَ لِسَانَهُمْ (٢) وإِعْرَابَهُمْ سَمِعَ لَهُمْ كَلَامًا حَسَنًا ورَأَى قَوْمًا عَرَبًا وكَانَ إِسْمَاعِيلُ قَدْ أَخَذَ بِلِسَانِهِمْ أَمَرَ إِسْمَاعِيلَ أَنْ يَنْكِحَ فِيهِمْ فَخَطَبَ إِلَى مُضَاضِ ابن عَمْرٍو ابْنَتَهُ رِعْلَةَ فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا فَوَلَدَتْ لَهُ عَشَرَةُ ذُكُورٍ وهِيَ أُمُّ الْبَيْتِ وهِيَ زَوْجَتُهُ الَّتِي غَسَلَتْ رَأْسَ إِبْرَاهِيمَ حِينَ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ، قَالُوا:
وتُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ ودُفِنَ فِي الْحِجْرِ وكَانَتْ أُمُّهُ قَدْ دُفِنَتْ فِي الْحِجْرِ أَيْضًا وتَرَكَ وَلَدًا مِنْ رِعْلَةَ ابْنَةِ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ فَقَامَ مُضَاضٌ بِأَمْرِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وكَفَلَهُمْ لِأَنَّهُمْ بَنُو ابْنَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُ جُرْهُمٍ يَعْظُمُ بِمَكَّةَ ويَسْتَفْحِلُ حَتَّى وَلُوا الْبَيْتَ فَكَانُوا (٣) وُلَاتَهُ وحُجَّابَهُ ووُلَاةَ الْأَحْكَامِ بِمَكَّةَ فَجَاءَ سَيْلٌ فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَانْهَدَمَ فَأَعَادَتْهُ جُرْهُمٌ عَلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ وكَانَ طُولُهُ فِي السَّمَاءِ تِسْعَةَ (٤) أَذْرُعٍ. وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ الَّذِي بَنَى الْبَيْتَ لِجُرْهُمٍ أَبُو الْجَدَرَةِ فَسُمِّيَ عَمْرٌو الْجَادِرَ (٥) وسُمُّوا بنو الْجَدَرَةِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ جُرْهُمًا اسْتَخَفُّوا (٦) بِأَمْرِ الْبَيْتِ والْحَرَمِ، وارْتَكَبُوا أُمُورًا عِظَامًا، وأَحْدَثُوا فِيهَا أَحْدَاثًا لَمْ تَكُنْ.
فَقَامَ مُضَاضُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ فِيهِمْ فَقَالَ: يَا قَوْمِ احْذَرُوا الْبَغْيَ (٧) فانه لَا بَقَاءَ لِأَهْلِهِ قَدْ رَأَيْتُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْعَمَالِيقِ اسْتَخَفُّوا بِالْحَرَمِ
(١) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «فكانوا».(٢) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «بلسانهم».(٣) كذا فِي ب. وفِي ا، ج «وكانوا».(٤) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «تسع».(٥) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «عمرو بن الجادر».(٦) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «استخفت».(٧) كذا فِي ب، ج. وفِي ا «النغي».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute